وأما قول عبد الله ، عن أبيه: لم يكن يحتج به في السنن. فقد يكون لما آنس منه التسامح في غير السنن التي هي جل علمه من المغازي والسير طرد الباب فيه، وقاس مروياته من السنن على غيرها. وطرد الباب في ذلك يعارضه تعديل من عدله.
وأما قول يحيى: ثقة وليس بحجة. فيكفينا التوثيق ولو لم يقبل إلا مثل العمري ، ومالك لقل المقبولون.
وأما ما نقلناه عن من طريق يحيى بن سعيد ، ابن المديني فلا يبعد أن يكون قلد ووهب بن جرير مالكا، لأنه روى عنه قول فيه. هشام
وأما قول يحيى: ما أحب أن أحتج به في الفرائض، فقد سبق الجواب عنه فيما [ ص: 66 ] نقلناه عن الإمام أحمد رحمه الله، على أن المعروف عن يحيى في هذه المسألة التسوية بين المرويات من أحكام وغيرها والقبول مطلقا أو عدمه من غير تفصيل.
وأما ما عدا ذلك من الطعن فأمور غير مفسرة ومعارضة في الأكثر من قائلها بما يقتضي التعديل، وممن يصحح حديثه ويحتج به في الأحكام رحمه الله تعالى، أبو عيسى الترمذي إذ اليسير من الجرح المفسر منه وغير المفسر كاف في رد من جهلت حاله قبله ولم يعدله معدل. ولم نتكلف الرد عن طعن الطاعنين فيه إلا لما عارضه من تعديل العلماء له وثنائهم عليه، ولولا ذلك لكان اليسير من هذا الجرح كافيا في رد أخباره،
وقد ذكره في كتاب (الثقات) له فأعرب عما في الضمير فقال: تكلم فيه رجلان أبو حاتم ابن حبان ، هشام ومالك; فأما فأنكر سماعه من هشام فاطمة، والذي قاله ليس مما يجرح به الإنسان في الحديث، وذلك أن التابعين كالأسود ، وعلقمة سمعوا من من غير أن ينظروا إليها، بل سمعوا صوتها، وكذلك عائشة كان يسمع من ابن إسحاق فاطمة والستر بينهما مسبل. قال: وأما مالك فإنه كان ذلك منه مرة واحدة ثم عاد له إلى ما يحب، وذلك أنه لم يكن بالحجاز أحد أعلم بأنساب الناس وأيامهم من وكان يزعم أن ابن إسحاق، مالك من موالي ذي أصبح، وكان مالك يزعم أنه من أنفسها، فوقع بينهما لذلك مفاوضة، فلما صنف مالك الموطأ قال ائتوني به فأنا بيطاره. فنقل ذلك إلى ابن إسحاق: مالك، فقال: هذا دجال من الدجاجلة يروي عن اليهود. وكان بينهما ما يكون بين الناس، حتى عزم محمد على الخروج إلى العراق فتصالحا حينئذ، وأعطاه عند الوداع خمسين دينارا ونصف ثمرته تلك السنة. ولم يكن يقدح فيه مالك من أجل الحديث إنما كان ينكر عليه تتبعه غزوات النبي صلى الله عليه وسلم من أولاد اليهود الذين أسلموا، [ ص: 67 ] وحفظوا قصة خيبر وقريظة والنضير، وما أشبه ذلك من الغرائب عن أسلافهم.