رجع إلى خبر وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن إسحاق: فدخل من الليط أسفل خالد بن الوليد، مكة في بعض الناس، فكان خالد على المجنبة اليمنى، وفيها أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وقبائل من قبائل العرب. وأقبل بالصف من المسلمين ينصب أبو عبيدة بن الجراح لمكة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروينا في صحيح أن مسلم أبا عبيدة كان على البياذقة - يعني الرجالة - .
[ ص: 234 ] قال ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذاخر حتى نزل بأعلى ابن إسحاق: مكة، وضربت له هناك قبة.
وكان ، صفوان بن أمية ، وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو، قد جمعوا أناسا بالخندمة ليقاتلوا. وقد كان حماس بن قيس بن خالد أخو بني بكر، يعد سلاحا قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصلح منه، فقالت له امرأته: لماذا تعد ما أرى؟ قال: لمحمد وأصحابه. قالت: والله ما أراه يقوم لمحمد وأصحابه شيء، قال: والله إني لأرجو أن أخدمك بعضهم، ثم قال:
إن يقبلوا اليوم فما لي عله هذا سلاح كامل وأله
وذو غرارين سريع السله
ثم شهد الخندمة مع صفوان ، وسهيل ، وعكرمة، فلما لقيهم المسلمون من أصحاب وناوشوهم شيئا من قتال، فقتل خالد بن الوليد كرز بن جابر الفهري ، وخنيس بن خالد بن ربيعة بن أصرم الخزاعي، وكانا في خيل فشذا عنه، فسلكا طريقا غير طريقه، فقتلا جميعا. وأصيب من خالد بن الوليد، جهينة سلمة بن الميلاء، وأصيب من المشركين قريب من اثني عشر رجلا أو ثلاثة عشر رجلا ثم انهزموا.وقال قتل أربعة وعشرون رجلا من ابن سعد: قريش وأربعة من هذيل - قال: فخرج حماس منهزما، حتى دخل بيته، ثم قال لامرأته: أغلقي علي بابي، قالت: وأين ما كنت تقول؟ فقال:
إنك لو شهدت يوم الخندمه إذ فر صفوان وفر عكرمه
واستقبلتنا بالسيوف المسلمه يقطعن كل ساعد وجمجمه
ضربا فلا تسمع إلا غمغمه لهم نهيت حولنا وهمهمه
لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه
[ ص: 235 ]