قال ابن عقبة: ولحق بنو أبي الحقيق بخيبر ، ومعهم آنية كثيرة من فضة، قد رآها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين خرجوا بها، وعمد حيي بن أخطب حتى قدم مكة على قريش، فاستغواهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم واستنصرهم، وبين الله عز وجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حديث أهل النفاق، وما بينهم وبين اليهود.
وفيما ذكر من الخبر عن ابن سعد بني النضير: أنهم حين هموا بغدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلمه الله بذلك، ونهض سريعا إلى المدينة ، بعث إليهم أن اخرجوا من بلدي، فلا تساكنوني بها، وقد هممتم بما هممتم به من الغدر، وقد أجلتكم عشرا، فمن رؤي بعد ذلك ضربت عنقه، فمكثوا على ذلك، أياما يتجهزون، وأرسلوا إلى ظهر لهم بذي الجدر، وتكاروا من ناس من أشجع إبلا، فأرسل إليهم محمد بن مسلمة ابن أبي: لا تخرجوا من دياركم، وأقيموا في حصونكم، فإن معي ألفين من قومي ومن العرب، يدخلون حصنكم فيموتون من آخرهم، وتمدكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان، فطمع حيي فيما قال ابن أبي، فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لا نخرج من ديارنا، فاصنع ما بدا لك، فأظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم التكبير، وكبر المسلمون لتكبيره وقال: "حاربت يهود"،فسار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه، فصلى العصر بفناء بني النضير، وعلي يحمل رايته، واستخلف على [ ص: 76 ] المدينة فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاموا على حصونهم، معهم النبل والحجارة، واعتزلتهم ابن أم مكتوم، قريظة فلم تعنهم، وخذلهم ابن أبي وحلفاؤهم من غطفان، فيئسوا من نصرهم، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقطع نخلهم، فقالوا: نحن نخرج عن بلادك، فقال: "لا أقبله اليوم، ولكن اخرجوا منها، ولكم دماؤكم وما حملت الإبل إلا الحلقة" ، فنزلت يهود على ذلك، وكان حاصرهم خمسة عشر يوما، فكانوا يخربون بيوتهم بأيديهم، ثم أجلاهم عن المدينة ، وولي إخراجهم وحملوا النساء والصبيان، وتحملوا على ستمائة بعير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: محمد بن مسلمة، بني المغيرة في قريش" "هؤلاء في قومهم بمنزلة ، فلحقوا بخيبر ، وحزن المنافقون عليهم حزنا شديدا، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم الأموال والحلقة، فوجد من الحلقة خمسين درعا، وخمسين بيضة، وثلاثمائة وأربعين سيفا، وقد أعطى ناسا من أصحابه، ووسع في الناس منها. وكانت أموال بني النضير صفيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم حبسا لنوائبه، ولم يخمسها، ولم يسهم منها لأحد،