5562 [ ص: 559 ] ما حفظ أبو بكر في تبوك غزوة
( 1 ) حدثنا عن عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري عبد الرحمن بن كعب عن أبيه قال : تبوك ؛ سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ، فجلى للمسلمين عن أمرهم وأخبرهم بذلك ليتأهبوا أهبة عدوهم وأخبرهم بالوجه الذي يريد . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورى بغيرها حتى كان غزوة
( 2 ) حدثنا حدثنا عفان وهيب حدثنا عمرو بن يحيى عن العباس بن سهل بن سعد الساعدي عن قال : أبي حميد الساعدي تبوك حتى جئنا وادي القرى ، وإذا امرأة في حديقة لها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اخرصوا ، قال : فخرص القوم ، وخرص رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أوسق ، وقال للمرأة : احصي ما يخرج منها حتى أرجع إليك إن شاء الله ، قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم تبوك ، فقال : إنها ستهب عليكم الليلة ريح شديدة ، فلا يقومن رجل فيها ، فمن كان له بعير فليوثق عقاله ، قال : قال : فعقلناها ، فلما كان من الليل هبت ريح شديدة ، فقام فيها رجل فألقته في أبو حميد جبل طيئ ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملك أيلة ، فأهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء ، فكساه رسول الله صلى الله عليه وسلم بردا ، وكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم ببحرهم ، قال : ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جئنا وادي القرى ، فقال للمرأة : كم حديقتك ؟ قالت عشرة أوسق ، خرص رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني متعجل ؛ فمن أحب منكم أن يتعجل فليفعل ، قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجنا معه حتى إذا أوفى على المدينة قال : هذه طابة فلما رأى أحدا قال : هذا جبل ، يحبنا ونحبه . خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام
( 3 ) حدثنا حدثنا خالد بن مخلد عبد الرحمن بن عبد العزيز الأنصاري قال حدثني ابن شهاب قال : حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك قال حدثني عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه كعب قال : ببني الأصفر أن يغزوهم جلى للناس أمرهم ؛ وكان قلما أراد غزوة إلا ورى عنها بغيرها ، حتى كانت الغزوة ، فاستقبل حرا شديدا وسفرا وعدوا جديدا ، فكشف للناس الوجه الذي يخرج بهم إليه [ ص: 560 ] ليتأهبوا أهبة عدوهم ، فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجهز الناس معه ، وطفقت أغدو لأتجهز فأرجع ولم أقض شيئا ؛ حتى فرغ الناس وقيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غاد وخارج إلى وجهة ، فقلت : أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم أدركهم ، وعندي راحلتان ، ما اجتمعت عندي راحلتان قط قبلهما ، فأنا قادر ، في نفسي قوي بعدتي ، فما زلت أغدو بعده وأرجع ولم أقض شيئا حتى أمعن القوم وأسرعوا ، وطفقت أغدو للحديث ، وشغلني الرحال ، فأجمعت القعود حتى سبقني القوم ، وطفقت أغدو فلا أرى لي أسوة ، لا أرى إلا رجلا ممن عذر الله أو رجلا مغموصا عليه في النفاق ، فيحزنني ذلك ، فطفقت أعد العذر لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء وأهيئ الكلام ، وقدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يذكرني حتى نزل تبوك ، فقال في الناس بتبوك وهو جالس : ما فعل ؟ فقام إليه رجل من قومي فقال : شغله برداه والنظر في عطفيه ، قال : فتكلم رجل آخر فقال : والله يا رسول الله ، إن علمنا عليه إلا خيرا ، فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل وما كنت أجمع من الكذب والعذر ، وعرفت أنه لن ينجيني منه إلا الصدق ، فأجمعت صدقه ، وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك المدينة فقدم ، فغدوت إليه فإذا هو في الناس جالس في المسجد وكان إذا قدم من سفر دخل المسجد فركع فيه ركعتين ، ثم دخل على أهله فوجدته جالسا في المسجد فلما نظر إلي دعاني فقال : هلم يا كعب ما خلفك عني ؟ وتبسم تبسم المغضب قال : قلت : يا رسول الله ، لا عذر لي ، ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك ، وقد جاءه المتخلفون يحلفون فيقبل منهم ويستغفر لهم ويكل سرائرهم في ذلك إلى الله عز وجل ؛ فلما صدقته قال : أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك ما هو قاض ، فقمت فقام إلي رجال من بني سلمة فقالوا : والله ما صنعت شيئا ، والله إن كان لكافيك من ذنبك الذي أذنبت استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك كما صنع ذلك لغيرك ، فقد قبل منهم عذرهم واستغفر لهم ، فما زالوا يلومونني حتى هممت أن أرجع فأكذب نفسي ، ثم قلت لهم : هل قال هذه المقالة أحد أو اعتذر بمثل ما اعتذرت به ؟ قالوا : نعم ، قلت : من ؟ قالوا : هلال بن أمية الواقفي ومرارة بن ربيعة العامري ، وذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا قد اعتذرا بمثل الذي اعتذرت به ، وقيل لهما مثل الذي قيل لي ، قال : ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا فطفقنا نغدو في الناس ، لا يكلمنا أحد ولا يسلم علينا أحد ولا يرد علينا سلاما ، حتى إذا مضت أربعون [ ص: 561 ] ليلة جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اعتزلوا نساءكم ، فأما هلال بن أمية فجاءت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له : إنه شيخ قد ضعف بصره ، فهل تكره أن أصنع له طعامه ؟ قال : لا ، ولكن لا يقربنك ، قالت : إنه والله ما به حركة إلى شيء ، والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يوم هذا ، قال : فقال لي بعض أهلي : لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك كما استأذنت امرأة هلال بن أمية ، فقد أذن لها أن تخدمه ، قال : فقلت : والله لا أستأذنه فيها ، وما أدري ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن استأذنته ، وهو شيخ كبير وأنا رجل شاب ، فقلت لامرأتي : الحقي بأهلك حتى يقضي الله ما هو قاض ، وطفقنا نمشي في الناس ولا يكلمنا أحد ولا يرد علينا سلاما ، قال : فأقبلت حتى تسورت جدارا لابن عم لي في حائطه ، فسلمت فما حرك شفتيه يرد علي السلام ، فقلت : أنشدك بالله ، أتعلم أني أحب الله ورسوله ، فما كلمني كلمة ، ثم عدت فلم يكلمني حتى إذا كان في الثالثة أو الرابعة قال : الله ورسوله أعلم ، فخرجت فإني لأمشي في السوق إذا الناس يشيرون إلي بأيديهم ، وإذا نبطي من نبط الشام يسأل عني ، فطفقوا يشيرون له إلي حتى جاءني فدفع إلي كتابا من بعض قومي بالشام أنه قد بلغنا ما صنع بك صاحبك وجفوته عنك فالحق بنا ، فإن الله لم يجعلك بدار هوان ولا دار مضيعة ، نواسك في أموالنا ، قال : قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ؛ قد طمع في أهل الكفر ، فيممت به تنورا فسجرته به ، فوالله إني لعلى تلك الحال التي قد ذكر الله ، قد ضاقت علينا الأرض بما رحبت ، وضاقت علينا أنفسنا ، صاحبه خمسين ليلة من نهي عن كلامنا ، أنزلت التوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى الفجر ، فذهب الناس يبشروننا ، وركض رجل إلي فرسا وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل ، وكان الصوت أسرع من الفرس ، فنادى : يا ، أبشر ، فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء الفرج ، فلما جاءني الذي سمعت صوته حصصت له ثوبين ببشراه ، والله ما أملك يومئذ ثوبين غيرهما ، واستعرت ثوبين ، فخرجت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيني الناس فوجا فوجا يهنئونني بتوبة الله علي حتى دخلت المسجد فقام إلي كعب بن مالك يهرول حتى صافحني وهنأني ، ما قام إلي من طلحة بن عبيد الله المهاجرين غيره ، فكان كعب لا ينساها ، ثم أقبلت حتى وقفت على رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن وجهه قطعة قمر ، كان إذا سر استنار وجهه كذلك ، فناداني : هلم يا [ ص: 562 ] لطلحة كعب ، أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك ، قال : فقلت : أمن عند الله أم من عندك ؟ قال : لا ، بل من عند الله ، إنكم صدقتم الله فصدقكم ، قال : فقلت : إن من توبتي اليوم أن أخرج من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمسك عليك بعض مالك ، قلت : أمسك سهمي بخيبر ، قال كعب : فوالله ما أبلى الله رجلا في صدق الحديث ما أبلاني . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هم
( 4 ) حدثنا غندر عن عن شعبة الحكم عن عن مصعب بن سعد مسعد قال : تبوك خلف في النساء والصبيان عليا ، فقال : يا رسول الله ، تخلفني في النساء والصبيان ، فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي .
( 5 ) حدثنا أخبرنا يزيد بن هارون سعيد بن أبي عروبة عن موسى عن الحسن عثمان أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنانير في غزوة تبوك ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلبها في حجره ويقول : ما على ما عمل بعد هذا عثمان بن عفان . أن
( 6 ) حدثنا أخبرنا يزيد بن هارون حميد عن أنس تبوك ودنا من المدينة قال : إن بالمدينة لأقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم من واد إلا كانوا معكم فيه ، قالوا : يا رسول الله : وهم بالمدينة ، قال : نعم حبسهم العذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة