السؤال
عندما كنت أسير في مشوار معين، شاهدت مسجدا تم بناؤه حديثا، وكان المسجد جيدا. ولكن المشكلة أن المسجد كان في بداية مدخل قرية.
وهذا المسجد لا يوجد حوله إلا ما يقرب من أقل من 5 بيوت، والأرض التي حوله زراعية. والقرية ليست بالقرب منه تقريبا، وبالطبع بها مساجد هناك.
والسر في بناء هذا المسجد في هذا المكان، أنه كان مبنيا على روح أحد الأفراد الذين ماتوا.
هذا المسجد من وجهة نظري حتى يتم تعميره بالمصلين، قد لا يتم إلا بعد مرور 20 سنة، أو عشر سنوات، حتى يبني الناس بيوتا حول هذا المسجد.
السؤال: أيهما أفضل للميت بصورة خاصة: أن يتم صرف كل هذه الألوف في بناء وتشطيب المسجد، وألوف في الأرض التي بني عليها. والمسجد لا يتم تعميره إلا بعد 20 سنة. أم نستخدم كل هذه الألوف في الصرف على الأيتام والأرامل والعاطلين، والزواج، والمرضى وسائر خدمات المسلمين؟
أيهما أفضل من وجه نظر الإسلام في هذا الأمر؟
وجزاكم الله -عز وجل- خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبه على أن المفاضلة بين أنواع العبادات والقربات تحتاج إلى نص خاص، أو قاعدة عامة من القواعد الشرعية. وليس للأذواق أو الآراء المحضة مدخل في ذلك.
هذا أمر. وأمر آخر ينبغي الالتفات إليه، وهو أن حيثيات الفضل تتعدد، فقد يفضل أحد الأمرين من جهة، ويفضل الآخر عليه من جهة أخرى.
ومن هذا ما يسأل عنه السائل، فأنواع الصدقات التي ذكرها السائل قد تكون أعجل وأكثر نفعا من مسجد غير مأهول بالمصلين، ولكن في المقابل فإن بناء المسجد قد يفضل هذه الصدقات وكفالة الأيتام ورعاية المرضى ونحو ذلك، بكونه صدقة جارية، يبقى أصلها ويدوم أجرها، بخلاف الصدقة التي لا تجري، فأجرها ينقطع ولا يدوم.
كما يفضل بناء المساجد غيره من أنواع الصدقات التي ينتفع الناس بها في معاشهم، بكون نفعه لا يقتصر على الدنيا، بل يقصد به أصالةً عمارة الآخرة، بإقامة الصلاة وذكر الله، كما قال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ. رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ [النور: 36 ، 37].
وانظر الفتاوى: 10427، 35601، 120932.
ولذلك، فإننا لا نقطع بفضل أحدهما على الآخر هكذا بإطلاق، وعلى أية حال، ففي كلٍّ خيرٌ.
هذا هو فهمنا واجتهادنا، أو وجهة نظرنا.
والله أعلم.