السؤال
هل عندما أتصدق بمبلغ بسيط في بناء مسجد، أو وصلة مياه، أو فك كرب، آخد ثواب هذا الفعل، لأنني ساهمت في بناء مسجد، أو سقيا مياه، أو فك كرب، حتى لو كان المبلغ بسيطا؟ أم لابد أن أكون أنا الذي دفعت المبلغ كاملا، حتى آخد الثواب، مع العلم أنني لا أعمل، وأحاول أن أساهم في الصدقات الجارية، بقدر ما معي من المال، خالصة لوجه الله تعالى؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فربكِ تعالى شكور، يقبل اليسير من العمل، ويثيب عليه الثواب الجزيل، وهو سبحانه لا يضيع عمل عامل، وإن كان قليلا، قال تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ {الزلزلة: 7}. وقال: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 272}.
فأنتِ مأجورة على ما تبذلينه وإن قل، ويدخر لكِ ثوابه في الآخرة، ويحصل لكِ عظيم الأجر بذلك، فالله تعالى لا يضيع أجر المحسنين، فلا تحقري معروفا أن تفعليه، ولا تستقلي صدقة أن تبذليها، وأحسني ظنكِ بربكِ تعالى، وأنه يوفيكِ ثواب ذلك أحوج ما تكونين إليه.
ثم اعلمي أن لكِ أجر صدقتكِ، فإن ساهمت في بناء مسجد مثلا -ولو بالشيء اليسير- فلكِ أجر ما ساهمت، ولو وقعت حصتكِ شيئا يسيرا، وكلما زادت صدقتكِ، ونفقتكِ زاد أجركِ، وثوابكِ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة.
قال الشوكاني في شرح تلك العبارة: وَحَمَلَ ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، لِأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي تَفْحَصُهُ الْقَطَاةُ لِتَضَعَ فِيهِ بَيْضَهَا، وَتَرْقُدَ عَلَيْهِ، لَا يَكْفِي مِقْدَارُهُ لِلصَّلَاةِ، وَقِيلَ: هِيَ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَزِيدُ فِي مَسْجِدٍ قَدْرًا يُحْتَاجُ إلَيْهِ تَكُونُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ هَذَا الْقَدْرَ، أَوْ يَشْتَرِكُ جَمَاعَةٌ فِي بِنَاءِ مَسْجِدٍ فَيَقَعُ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْقَدْرُ. انتهى.
والله أعلم.