السؤال
يا شيخ: شممت رائحة منظف تايد - عمدا - في رمضان، وشعرت بأنه وصل إلى حلقي. هل علي قضاء؟
وأيضا كنت صائما، ولما استيقظت كان يوجد على طرف فمي لعاب، وأدخلته، وابتلعته، رغم أن لدي إحساسا قويا أنه يفطر. وبعدها بحثت في النت، وقرأت أنه يفطر، فأصبح الشيطان يوسوس لي. ففي اليوم الموالي، كان يوسوس لي أني أفطرت بسبب إخراجي للعاب من فمي وإرجاعه. وكنت أجمعه وأخرجه ما بين الشفتين، ولكن لا أخرجه؛ لأني أعتقد فقط أنه إذا خرج من الفم يفطر، وقررت أن هذا العمل يفطر.
يا شيخ أتمنى أن تجيبني.
وما هو علاج وسواس الصيام؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعافيك من الوساوس.
واعلم أن من أهم وسائل التغلب على الوساوس بعد الاستعانة بالله عز وجل، الإعراض والتلهي عنها. وقد ذكرنا بعض الوسائل المعينة للتغلب عليها في الفتويين: 51601، 3086.
كما يمكنك الاستفادة من قسم الاستشارات بموقعنا.
وأما بخصوص شم رائحة المنظف، فلا يفطر الصائم بها. وانظر الفتوى رقم: 874.
وإن كنت تقصد أن أجزاء المنظف قد وصلت إلى حلقك، وهذا بعيد، فلا تفطر بذلك طالما لم تتعمد إيصال تلك الأجزاء إلى حلقك.
قال في مغني المحتاج: وكونه ـ أي الواصل ـ بقصد، فلو وصل جوفه ذباب، أو بعوضة، أو غبار الطريق، أو غربلة الدقيق لم يفطر، وإن أمكنه اجتناب ذلك بإطباق الفم، أو غيره، لما فيه من المشقة الشديدة، ولو فتح فاه عمدا حتى دخل التراب جوفه لم يفطر ـ أيضا ـ لأنه معفو عن جنسه.
قال في المجموع: وشبهوه بالخلاف في العفو عن دم البراغيث المقتولة عمدا، وقضيته أن محل عدم الإفطار به إذا كان قليلا، ولكن ظاهر كلام الأصحاب الإطلاق، وهو الظاهر. انتهى.
وجاء في الروض مع حاشيته: أو طار إلى حلقه ذباب، أو غبار من طريق، أو دقيق، أو دخان، لم يفطر وفاقًا كالنائم يدخل حلقه شيء، وقال الوزير: أجمعوا على أن الغبار، والدخان، والذباب، والبق، إذا دخل حلق الصائم، فإنه لا يفسد صومه. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين: ولو فرض أنه في مكانٍ فيه دخان، أو غبار وثار الغبار، أو الدخان حتى استنشقه، فوصل المعدة فإنه لا يفطر. انتهى.
وأما اللعاب، فإن كان على طرف الفم من الداخل، فلا تفطر بابتلاعه. أما إن كان على طرفه من الخارج، فهذا الذي يفطر الصائم بابتلاعه.
ولمزيد الفائدة عن أقوال العلماء في ذلك راجع الفتويين: 165697، 67622.
وعند الشك في وصول اللعاب إلى ظاهر الفم، أو وصول شيء إلى الجوف، فالأصل صحة الصيام؛ لأن اليقين لا يزول بالشك، فلا يحكم بفساد الصوم إلا بيقين. وانظر الفتويين: 55834، 224611.
ثم إن هذا كله فيمن يعلم أن ذلك من مفسدات الصيام. أما الجاهل بذلك، فلا يفسد صيامه على الصحيح؛ لأنه معذور بجهله.
وانظر الفتوى رقم: 150347 وإحالاتها.
والله أعلم.