السؤال
طبتم وطابت جهودكم المباركة - بإذن الله -. امتنَّ الله عليّ بالدراسة الجامعية في تخصص الهندسة الصناعية ـ وبفضل الله ـ تخرجت، وحاليًا أبحث عن عمل - أسأل الله أن ييسر لي ما فيه الخير لي في الدين والدنيا والآخرة، ولجميع المسلمين - وعندما نزلت إلى سوق العمل وجدت في الدولة التي أعيش فيها، وفي دول الجوار، أن أمر العمل ليس سهلًا في مجال تخصصي، وبعد البحث قُبِلْتُ لدى مصنعين: أحدهما يعمل في تصنيع الدخان ـ السجائر ـ والآخر مصنع ألبسة أمريكي داخل بلدي، يصنع ألبسة رياضية للرجال والنساء، وملابس داخلية للنساء، ويُصدّر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتباع هناك، ويستورد بعض المواد كالخيوط، وما شابهها من إسرائيل، فهل العمل لدى أحدهما فيه إثمٌ عليّ؟ علمًا أن ما سأكسبه من رزقٍ سأساعد به والدي؛ لأنه في أغلب الأحيان لا يكفينا الدخل، وما بقي سأعفُّ به نفسي عن الحرام بالزواج الطيب الحلال - بإذن الله -؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يكفيك بحلاله عن حرامه، وأن يغنيك بفضله عمن سواه.
وأما العمل في هذين المصنعين: فحكمه حكم ما ينتجانه، ومن المعلوم أن الدخان من المحرمات، فلا يجوز العمل في مصنعها، كما أن تصنيع الملابس الرياضية الخاصة بالنساء، والتي تستعمل على وجه محرم لا يجوز العمل في تصنيعها، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: كل ما يستعمل على وجه محرم، أو يغلب على الظن ذلك، فإنه يحرم تصنيعه، واستيراده، وبيعه، وترويجه بين المسلمين، ومن ذلك ما وقع فيه كثير من نساء اليوم ـ هداهن الله إلى الصواب ـ من لبس الملابس الشفافة، والضيقة، والقصيرة، ويجمع ذلك كله: إظهار المفاتن والزينة، وتحديد أعضاء المرأة أمام الرجال الأجانب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: كل لباس يغلب على الظن أنه يستعان بلبسه على معصية، فلا يجوز بيعه، وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم، ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر، وبيع الرياحين لمن يعلم أنه يستعين بها على الخمر والفاحشة، وكذلك كل مباح في الأصل علم أنه يستعان به على معصية. اهـ.
وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 24838، 7278، 115384.
فاجتهد في البحث عن عمل آخر، واعلم أن من يتقي الله يجعل له مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب.
والله أعلم.