السؤال
غضبت من رجل مسلم فقلت له أنت يهودي، فما حكم ذلك؟ وهل من كفر مسلما يكون قد كفر وحبطت أعماله؟.
غضبت من رجل مسلم فقلت له أنت يهودي، فما حكم ذلك؟ وهل من كفر مسلما يكون قد كفر وحبطت أعماله؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يقول لأخيه المسلم: يا يهودي ـ لأن هذا رمي له بالكفر، وقد روى البخاري ومسلم من حديث ابْن عُمَرَ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ.
وليس معنى رجعت عليه أنه يكفر ويخرج من الإسلام، بل معناه أنه رجع عليه التكفير أي كأنه كفر نفسه لما كفر أخاه المسلم, قال في تحفة الأحوذي: فَقَدْ رَجَعَ عَلَيْهِ تَكْفِيرُهُ، فَالرَّاجِعُ التَّكْفِيرُ لَا الْكُفْرُ، فَكَأَنَّهُ كَفَّرَ نَفْسَهُ، لِكَوْنِهِ كَفَّرَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَمَنْ لَا يُكَفِّرُهُ إِلَّا كَافِرٌ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ دِينِ الْإِسْلَامِ... اهــ.
وقد نص الفقهاء على أن قائل ذلك يؤدب بما يردعه, جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: إذا قذف مسلما بغير الزنا، فقال: يا فاسق، أو يا كافر، أو يا خبيث، أو يا سارق، ومثله يا لص، يا فاجر، أو يا زنديق، أو يا مقبوح... يا منافق، يا يهودي، عزر... اهـ.
ومثله ما جاء في حاشية الدسوقي: وَكَذَا يُؤَدَّبُ فِي نَحْوِ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ، أَوْ يَا كَافِرُ، أَوْ يَا يَهُودِيُّ... اهــ.
وورد عند الترمذي بسند فيه ضعف: إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ يَا يَهُودِيُّ فَاضْرِبُوهُ عِشْرِينَ.
فيجب عليك ـ أيها السائل ـ أن تتوب إلى الله تعالى بالندم على ما قلته لأخيك وعزمك أن لا تعود لمثله مستقبلا، ولو استحللته من شتمه لكان هذا حسنا، ولا يشترط لتوبتك أن تعلمه بالشتم إذا لم يكن علم به، وادع له بظهر الغيب, جاء في شرح المنتهى: وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا ـ أَيْ التَّوْبَةِ ـ مِنْ قَذْفٍ وَغِيبَةٍ وَنَحْوِهِمَا كَنَمِيمَةٍ وَشَتْمٍ إعْلَامُهُ أَيْ الْمَقْذُوفِ وَالْمُغْتَابِ وَنَحْوِهِمَا وَالتَّحَلُّلُ مِنْهُ... اهـ.
وفي كشاف القناع: وَاخْتَارَ أَصْحَابُنَا لَا يُعْلِمُهُ، بَلْ يَدْعُو لَهُ فِي مُقَابِلَةِ مَظْلِمَتِهِ، وَقَالَ: وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَتَمْتُهُ، أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ـ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ، إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ، أَوْ شَتَمْتُهُ، أَوْ جَلَدْتُهُ، أَوْ لَعَنْتُهُ، فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً ـ الْحَدِيثَ. اهــ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني