الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأفضل النظر إلى الفتاة قبل خطبتها لتفادي إحراجها بالرفض بعد دخول بيتها

السؤال

أولا: أعتذر لطول السؤال وأرجو أن يتم قراءته بالكامل وذلك لحاجتي لجواب شاف.
أنا شاب أرغب في الزواج لأصون نفسي، وأنا الحمد لله شاب ملتزم بأحكام الشرع، ودائما ما كنت أرغب بالزواج من فتاة على خلق ودين، وكما نصحنا الرسول عليه الصلاة والسلام بالظفر بذات الدين، ولكني وللأسف الشديد لم أجد الفتاة التي تناسبني والتي أرغب بالارتباط بها رغم أني دخلت بيوتا كثيرة وشاهدت الكثير من الفتيات، ولكني دائما لا أرتاح لهن، وأقوم بالاستخارة ومع ذلك أقوم دائما بالرفض، حتى إن أهلي ملوا مني لأني دائما أرفض الارتباط بالفتيات التي أراهن في بيوت أولياء أمرهن، ولهذا السبب قد استسلمت والدتي وتوقفت عن البحث عن الفتاة المناسبة، وذلك بسبب الإحراج الذي أصبح يصيب أهلي بسبب دخولي لبيوت الناس ومشاهدة بناتهم، ومن ثم دائما يكون جوابي بالرفض برغم أن عندي رغبة شديدة بالاستقرار والزواج، وقد أصبحت أخاف على نفسي بسبب مرور عده سنوات وأنا ما زلت على هذا الحال، مع العلم أنني أقوم دائما بصلاتي وسجودي بدعاء الله بأن يرزقني الزوجة الصالحة التي أتمناها ومع ذلك لم يتغير وضعي، وقد أصبحت حالتي النفسية سيئة جدا، وأصبحت الأفكار الغريبة تجول في فكري وخاطري وأنا لا أريد إلا الحلال وأرفض إقامة أي علاقة محرمة مع أي فتاة، ولكني تعبت كثيرا وأصبحت أخشى على نفسي من الشيطان ووسواوسه.
ومؤخرا شاهدت فتاة في الحي الذي أسكن به، وقد أعجبتني كثيرا، ولكني حاولت أن أتناساها، وذلك بسبب أنها غير محجبة ولباسها ضيق، وأنا بطبعي لا أريد سوى فتاه عفيفة محتشمة وملتزمة، ولكني للأسف لم أستطع أن أنساها وخاصة عندما أشاهدها في الحي، ومع مرور الوقت زاد إعجابي بها أكثر وأصبحت أنجذب إليها بشكل كبير، وأصبحت أفكر فيها طوال الوقت، وأخاف على نفسي أني قد فتنت بها، وهذا الشيء قد زاد حالتي النفسية سوءا بسبب أني أصبحت أرغب بها، ولكني بنفس الوقت لا أريد الارتباط بها لأني أتمنى الارتباط بفتاة ذات دين، علما بأني غيور جدا على عرضي وأعراض المسلمين، وقبل فترة بسيطة قد شاهدت الفتاة نفسها قد وضعت على رأسها غطاء الرأس، وقد أفرحني ذلك كثيرا، ولكن بنفس الوقت قد أزعجني عدم تغيير لباسها الضيق وغير المحتشم حيث لم يتغير عليها شيء إلا تغطية رأسها وشعرها فقط، وقد قررت بأن أسأل عن الفتاة وعن أخلاقها كونها ما زالت طالبة تدرس في الجامعة، وقد تبين أنها صاحبة سمعة جيدة، وعلمت بأن الفتاة ملتزمة بالصلاة، وأنها صاحبة أخلاق، وأنها فتاة مؤدبة ولا ترتكب علاقات مشبوهة إلا أن لها علاقات زمالة وصداقة مع بعض الطلاب ليس إلا، وذلك بسبب أن تخصصها يفرض عليها الاختلاط والعمل المشترك مع باقي الطلاب كونه متعلقا بأمور طبية وفيه تدريب وتواصل جماعي، مع علم ولي أمرها وهو لا يعارض ذلك.
السؤال هو: هل يجوز لي أن أتقدم لخطبتها وهي على هذا الوضع الذي ذكرته رغم أني لا أقبله إطلاقا ولكني بصراحة لم أعد أحتمل أكثر، وأنا أرغب فيها كثيرا ولا أفكر بسواها، وربما قد أكون مغرما بها، وفي حال حدوث الخطبة سوف أبذل قصارى جهدي حتى أقنعها بالالتزام بتعاليم الدين واللباس الشرعي بالأسلوب الحسن والطيب بدون أن أجبرها على ذلك، مع العلم أن هذه هي الفتاة الوحيدة التي قد أعجبت بها كما شرحت سابقا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننبهك أيها السائل على أن كثرة الدخول إلى بيوت الناس ورؤية بناتهم ثم الانصراف عنهن أمر غير مستحسن، حتى وإن كان قصد صاحبه بريئا من الشر، لأن هذا قد يؤدي إلى إساءة الظن به من قبل الناس، والمسلم مطالب بأن ينأى بنفسه عن مواطن الشبهات، بالإضافة إلى ما يسببه هذا التصرف من إيذاء للفتاة وأهلها وإحراجهم، ومن ثم استحب بعض أهل العلم أن يتقدم النظر إلى الفتاة ولو بغير علمها على الخطبة إن أمكن ذلك.

جاء في الشرح الممتع على زاد المستقنع: وينظر إليها قبل الخطبة. انتهى.

جاء في الإقناع للشربيني: ووقت النظر قبل الخطبة وبعد العزم على النكاح، لأنه قبل العزم لا حاجة إليه، وبعد الخطبة قد يفضي الحال إلى الترك فيشق عليها. انتهى.

أما عن هذه الفتاة فلا شك أنها بتبرجها وإبداء زينتها واقعة في كبيرة من الذنوب التي توجب سخط الله سبحانه، ولا شك أن ترك الزواج بمثل هؤلاء أفضل لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الترغيب في نكاح ذات الخلق والدين والحياء، وذلك بقوله: فعليك بذات الدين والخلق تربت يمينك. رواه أحمد بإسناد صحيح والبزار وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه وحسنه الألباني.

ولكن ما دام الأمر قد وصل إلى ما ذكرت من تعلقك بها ووقوعها في قلبك فلا حرج عليك في التقدم لخطبتها، ثم تعلمها بحرمة التبرج والاختلاط بالأجانب، وأنك تريد الزواج بها بشرط أن تتوب إلى الله سبحانه مما تفعل من التبرج والاختلاط، فإن استجابت فلا حرج عليك في الزواج بها، بل هذا هو الأفضل حينئذ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجة وغيره وصححه الألباني.

أما إن رفضت ذلك وأصرت على ما تفعله، أو أظهرت الموافقة وغلب على ظنك أنها موافقة صورية لأجل إتمام الزواج فقط، فعليك حينئذ بالانصراف عنها والبحث عن غيرها من ذوات الخلق والدين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني