الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك أيها السائل على أن كثرة الدخول إلى بيوت الناس ورؤية بناتهم ثم الانصراف عنهن أمر غير مستحسن، حتى وإن كان قصد صاحبه بريئا من الشر، لأن هذا قد يؤدي إلى إساءة الظن به من قبل الناس، والمسلم مطالب بأن ينأى بنفسه عن مواطن الشبهات، بالإضافة إلى ما يسببه هذا التصرف من إيذاء للفتاة وأهلها وإحراجهم، ومن ثم استحب بعض أهل العلم أن يتقدم النظر إلى الفتاة ولو بغير علمها على الخطبة إن أمكن ذلك.
جاء في الشرح الممتع على زاد المستقنع: وينظر إليها قبل الخطبة. انتهى.
جاء في الإقناع للشربيني: ووقت النظر قبل الخطبة وبعد العزم على النكاح، لأنه قبل العزم لا حاجة إليه، وبعد الخطبة قد يفضي الحال إلى الترك فيشق عليها. انتهى.
أما عن هذه الفتاة فلا شك أنها بتبرجها وإبداء زينتها واقعة في كبيرة من الذنوب التي توجب سخط الله سبحانه، ولا شك أن ترك الزواج بمثل هؤلاء أفضل لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الترغيب في نكاح ذات الخلق والدين والحياء، وذلك بقوله: فعليك بذات الدين والخلق تربت يمينك. رواه أحمد بإسناد صحيح والبزار وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه وحسنه الألباني.
ولكن ما دام الأمر قد وصل إلى ما ذكرت من تعلقك بها ووقوعها في قلبك فلا حرج عليك في التقدم لخطبتها، ثم تعلمها بحرمة التبرج والاختلاط بالأجانب، وأنك تريد الزواج بها بشرط أن تتوب إلى الله سبحانه مما تفعل من التبرج والاختلاط، فإن استجابت فلا حرج عليك في الزواج بها، بل هذا هو الأفضل حينئذ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجة وغيره وصححه الألباني.
أما إن رفضت ذلك وأصرت على ما تفعله، أو أظهرت الموافقة وغلب على ظنك أنها موافقة صورية لأجل إتمام الزواج فقط، فعليك حينئذ بالانصراف عنها والبحث عن غيرها من ذوات الخلق والدين.
والله أعلم.