الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تاب من شرب الخمر ويأتيه إبليس فيذكره بها

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أساتذتي الفضلاء / أتقدم لكم بكل احترام وتقدير، وأرسل لكم رسالتي وكلي أمل من بعد الله عز وجل أن أجد لديكم الجواب الوافي الشافي لتفسير حلمي. سوف أدخل بالموضوع دون مقدمات وموضوعي:
أني كنت في السابق مع مجموعة من الشباب اغووني وسحبوني إلى الرذيلة والفتن والمعاصي، ومن هذه المعاصي " شرب الخمر " لفترة تقارب السنة ولكني الآن والحمد الله قطعت تلك العلاقات نهائياً وبفضل من الله أقيم صلواتي جميعها بالمسجد حاضر مع الجماعة ومحافظ على السنن الرواتب وأذكار الصباح والمساء، وصلاة الضحى وصلاة الشفع والوتر، وأصوم 3 أيام من كل شهر وأصوم الاثنين والخميس، إذا وفقني الله، وأحفظ الآن كتاب الله وأنا مستمر بالحفظ حتى الخاتمة، وأتصدق على الفقراء ما أمكنني، وأتبع ما أمر الله وأجتنب ما نهى عنه، وهذا من فضل الله علي.
مشكلتي أن الشيطان يأتي لي بين الحين والآخر ويذكرني بشرب الخمر وما يفعل الخمر بالإنسان من دخول عالم آخر والعياذ بالله وهو بالحقيقة غير ذلك إطلاقا ولكن أشعر في بعض الأحيان أني أتذوق طعم هذه الخمر، ويخطر في بالي بين الحين والآخر، ولكن أتذكر أني قطعت مع الله عهداً بأن لا أعود لهذا الضلال ولا أشرب الخمر مهما كانت الظروف، والحمد الله أنا مواصل وصابر ومحصن بحفظ الله لي.
ولكن في الأيام الماضية أتت لي أحلام وهوأني جالس في مكان يتواجد فيه هذه المشروبات المحرمة وأشاهدها أمامي كما كنت أشاهدها في الواقع سابقاً ولكن على الفور أقول أنا وعدت الله فلا أشرب هذا المحرم ولو على قطع رقبتي وجميع ذلك بالحلم وتكرر هذا الحلم 3 مرات وبجميعها كنت أفوز برضوان الله، ولا أشرب وذلك لخوفي من الله.
• ولكن الأمر الذي شد انتباهي وأذهلني أنه في يوم من الأيام حلمت مرة رابعة بنفس الحلم وشاهدت زجاجة كحولية أمامي وبدون تردد شربت ربع هذه الزجاجة وأشعر وكأني بالواقع بل أشعر بطعمها وكأني بالواقع ؟؟؟، البعض يقول لي إن الله سبحانه هو من سخر لك هذا الحلم وذلك لصبرك على بلاء الرغبة وعزيمتك الصادقة مع الله فأراد الله أن يعطيك إياها بحلمك ولا تكون بواقعك، هل هذا صحيح ؟ أم أنها من أحلام الشيطان ؟
أرجوكم أرغب بالإجابة الوافية في الأمر، فوالله إني أخشى على نفسي، وأسأل الله أن لا يزيغ قلبي بعد أن هداه.
وجزاكم الله خير، ونفع الله بكم الإسلام والمسلمين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنهنئك بالتوبة ونسأل الله تعالى ألا يزيغ قلبك بعد إذ هداك إنه سميع مجيب، وننصحك بالعزم على المواصلة في طريق الخير والبعد عن رفاق السوء وأوكار الفساد..

وأما ما يذكرك به اللعين من الماضي فعلاجه صرف الذهن عن الموضوع وشغل الوقت وتوظيف الطاقات الفكرية، واصحب إخوة صالحين يدلوك على الخير ويحضوك ويعينوك عليه، واشغل وقتك وطاقتك بما يفيد من علم نافع أو عمل مثمر مفيد أو رياضة تقوي جسمك أو مطالعة هادفة.

وعليك بصدق التوبة والإكثار من سؤال الله التثبيت وكثرة المطالعة في النصوص المرهبة من الخمر فإن شرب الخمر من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

وروى الإمام أحمد والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد في الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب لم يتب الله عليه، وسقاه من نهر الخبال. قيل لعبد الله بن عمرو - وهو راوي الحديث -: وما نهر الخبال؟ قال: نهر من صديد أهل النار.

وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرا، فقال صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر ولعن شاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها.‏ رواه أبو داود والحاكم.

وأما الأحلام فليس من اختصاصنا تعبيرها وقد يكون ما رأيت هو ما كان يخيل لك الشيطان في يقظتك، وراجع الفتوى رقم: 72203.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني