الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنسى ما رأيته منذ سنوات من مشاهد محرمة؟

السؤال

السلام عليكم
أرجو المساعدة.

عند سن ١٣ عامًا، أخبرني شخص عن المواقع المحرمة، فأدمنتها بسبب صغر سني، وكذلك العادة السرية، أدركت منذ فترة مدى سوء وحرمة الأمر، وعزمت على التوبة مرات عديدة، كنت ألتزم لمدة ٥ شهور أو أقل، وأدوّن التواريخ لتكون دافعًا لي على الاستمرار، ثم تأتيني أحلام كثيرة أنني أرتكب ذنب العادة السرية، فأستيقظ خائفةً أن يكون ذلك واقعًا وليس حلمًا، ومن هنا أتذكر مشاهد من تلك الأفلام التي ترسخت في ذهني، فأعود للذنب، ثم أندم ندمًا شديدًا، وأعاقب نفسي وأتصدق وأصوم، وتتكرر الأحداث منذ ٤ سنوات.

الآن عمري ١٩ عامًا، وأسأل:
- كيف أنسى ما رأيته منذ سنوات من مشاهد ما زالت موجودة في ذاكرتي وتتردد في ذهني؟
- كيف تتوقف هذه الأحلام عن ملاحقتي؟
- كيف أتخلص من وسواس أنني سوف أواجه مشكلات عند زواجي، أو إنجابي، أو في غشاء البكارة بسبب تأثير هذه القاذورات وذنبي؟
- كيف لي ألا أعود إلى هذا الذنب؟

أشكركم، وأرجو أن تساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك وأن يشرح صدرك للحق، وأن يجزيك على صدقك، وخوفك من الله خير الجزاء؛ فما كتبته يدلّ على قلب حي يتألّم من الذنب ولا يرضى به، ولذا دعينا نتحدث معك من خلال ما يلي:

أوّلًا: العادة السريّة محرّمة، ولا يجوز التهاون فيها، فهي باب شرّ إذا فُتح جرّ وراءه ضعف الإرادة، اضطراب النفس، الوسواس والقلق، والبعد عن الطمأنينة، والتخلّص منها واجب، ولا يجوز التهاون في ذلك، ولكن انتبهي لأمر هام، إن تحريم الذنب لا يعني تحقير التائب، ولا جلد النفس، ولا اليأس؛ لذا أمّلي في الله الخير وابدئي الطريق الصحيح.

ثانيًا: ما تعرّضت له في ذلك العمر كان وأنت صغيرة، بلا وعي كامل، وبسبب شخصٍ دلّك على الحرام، وهذا أذى سابق، وليس اختيارًا ناضجًا، وقد تبت إلى الله منه، والله يقبل توبة العبد إذا أقبل عليه، المهم أن نبتعد عن الاستمرار في الخطأ بعد الإدراك، وأنت أدركت وكرهت الذنب وجاهدت، وهذا يُحسب لك، لا عليك إن شاء الله.

ثالثًا: ما ترسّخ في ذهنك، ليس لأنك تحبينه، بل لأن الدماغ يسجّل المشاهد الصادمة أو المثيرة بقوّة، وكلّما خفت منها أو راقبتها، زادت حضورًا.

والمهمّ جدًا أن تفهمي أن الخواطر والصور التي تفرض نفسها عليك وأنت كارهة لها ليست ذنبًا، ولا تُحاسبين عليها، والذنب في الاسترسال، لا في مرور الفكرة؛ لذا إذا جاءت صورة أو ذكرى؛ فلا تناقشيها، ولا تفزعي، ولا تقولي: لماذا أنا هكذا؟ قولي بهدوء في نفسك: هذا أثر قديم، وقد تبت منه والحمد لله، وانتقلي فورًا لفعل آخر: حركة، وضوء، تغيير مكان، شرب ماء، مع تكرار هذا السلوك سيضعف حضور الصور تدريجيًّا.

رابعًا: الأحلام التي ترين فيها العادة: ليست فعلًا منك، ولا تُبطل توبتك، ولا تعني أنك عدت للحرام، بل هي انعكاس خوفك ومقاومتك، لا رغبتك، فإذا استيقظت منها تعوّذي بالله، وتجاهلي الحلم تمامًا، لا تفحصي نفسك، ولا تعيدي التفكير فيه؛ كلّما تجاهلته، خفّ أثره.

خامسًا: أما وسواس الزواج والبكارة والإنجاب، فاطمئنّي فالعادة السريّة لا تُفسد غشاء البكارة، ولا تمنع الزواج، ولا تُسبّب العقم، ولا تُدمّر مستقبلك، هذه أفكار وسواسيّة، وليست حقائق، ويغذّيها الخوف، البحث المتكرّر، ومراقبة الجسد، والقاعدة هنا: كلّما راقبت نفسك أكثر، زاد الوسواس.

سادسًا: لماذا تعودين للذنب بعد فترات التزام؟
لأنّ الدورة عندك هكذا: توتر يعقبه خوف، وذكرى يعقبه مقاومة عنيفة، وتعب نفسي يعقبه سقوط وجلد الذات.

والحل ليس في شدّة العقاب، بل في كسر تلك الدائرة من البداية، والذي يساعدك فعليًّا ما يلي:
- لا تعاقبي نفسك على ما مضى.
- الإكثار من الصوم والصدقة، وتكون شكرًا لله، لا عقوبة للنفس.
- خفّفي عدّ الأيام، العدّ الطويل قد يتحوّل إلى ضغط، والأهم هو الاتجاه العام.
- اقطعي الأسباب قبل الذنب.
- ابتعدي عن الخلوة الطويلة خاصة مع الهاتف، بلا سهر متأخّر، ولا فراغ بلا هدف، أشغلي الجسد: بالمشي، الحركة، العمل.
الإنجاز اليومي يضعف الشهوة أكثر من الصراع الذهني.
- الصحبة الصالحة تكون معينًا لك هامًا.
- لا تخبري أحدًا بما كان، وإذا تزوجت لا تخبري زوجك بذلك، ولا تفتحي باب شر عليك، فقد تبت لله، والله أرحم بك من كل الخلق.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً