الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب التعطيل المفاجئ الذي طرأ على حياتي وشؤوني كلها؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 31 سنةً، لست متزوجةً، والمقلق أنه لا يتقدم لخطبتي الكثير رغم وجود المقومات، وإن تقدم لخطبتي أحد ما فإنه يكون فيه عيب لا يمكنني لا أنا ولا عائلتي القبول به، وقد تقبلت الأمر الواقع، ولا زلت أدعو الله أن يرزقني الزوج الصالح عاجلاً وليس آجلاً؛ بغية أن أحقق أمنيتي، وأشعر بالأمومة، ولو لمرة واحدة.

أنا أحافظ على صلواتي منذ سن 14، وأحافظ على الأذكار والاستغفار، وذكر الله، وقراءة القرآن.

ما يجعلني قلقةً في الآونة الأخيرة هو تعطل أموري بصفة غريبة جدًا؛ فقد وجدت نفسي بين ليلة وضحاها محتاجة ماديًا رغم أنني موظفة، وبصراحة لا أدري كيف نفد راتبي، رغم أن ما أنفقه الآن هو نفس الإنفاق الذي في السابق، وهذه أول مرة يحدث لي فيها ذلك، مع أنني في كل شهر أقدم صدقةً لشخص محتاج.

كما لاحظت تعطيلاً في كل ما أريد فعله؛ فإذا أردت شراء شيء مهما كان صغيرًا أو كبيرًا؛ يصبح فجأةً ذلك الشيء شبه منعدم من السوق، وإذا كان موجودًا فإنه يكون غير مناسب لي بسبب شيء أو عيب فيه، مما جعلني ذلك في حيرة شديدة، وضيق شديد، وكأن جميع الأبواب مغلقة -والعياذ بالله-!

قرأت سورة الواقعة بتكرار متمنيةً الرزق، وفك الاحتياج، واستغفرت العديد من المرات؛ خوفًا من أن أكون قد أذنبت دون أن أشعر وتأثر رزقي بذلك، ولكنني لا زلت أعاني من نفس الأشياء!

أنا صابرة على أحوالي، بل وأمزح بخصوصها أحيانًا، ولكني قلقة أيضًا بعض الشيء من التعطيل الغريب والمفاجئ، وأتمنى لو كان بوسعي تغيير أموري للأحسن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الأميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك ممَّن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا.

ونحب أن نؤكد لك -ابنتنا الفاضلة- أن هذا الكون مِلْكٌ لله، ولن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله، فعمِّري قلبك بالرضى بقضاء الله وقدره، واعلمي أن الله إذا أخذ شيئًا عوض بأشياء، وأن لكل أجلٍ كتاب، ونسأل الله أن يُعجّل لك بالفرج، وأن يُبارك لك في الأموال، وأن يضع في طريقك الرجل الصالح الذي يُسعدك وتسعدينه، وتعاونينه على طاعة الله، ويعاونك على ما يُقرِّب إلى الله تبارك وتعالى.

نوصيك بالاستمرار بالدعاء، وكثرة الاستغفار، والصلاة على النبي المختار؛ فإن في ذلك مغفرة الذنوب، وذهاب الهموم، وأرجو أن تُكثري من قول: (لا حول ولا قوة إلَّا بالله)، واستمري في الاستقامة، وأعلني رضاك عن قضاء الله تبارك وتعالى وقدره، واعلمي أن ما يُقدِّره الله للإنسان خيرٌ ممَّا يختاره الإنسان لنفسه، واحرصي على بذل الأسباب، ثم توكلي على الكريم الوهاب.

والفتاة لكي تتزوج لا بد أن تحشر نفسها في مجتمع الصالحات، وأن تُظهر ما عندها من جمال، ومواهب، وخيرات بين جمهور النساء، واعلمي أن من النساء من حولك مَنْ تبحث عن أمثالك لأبنائها، أو لإخوانها، أو لأعمامها، أو لأخوالها، أو لمحارمها، ولذلك أتمنى أن يكون هذا الجانب أيضًا واضحًا بالنسبة لك.

واعلمي أن الواقعية أيضًا مطلوبة في القبول بالأزواج؛ فالنقص يطاردنا كبشر، رجالًا ونساءً، فمن الذي تُرضى سجاياه كلها، وكفى بالمرء نُبلاً أن تُعدَّ معايبه، ولذلك فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه)، وقال في المرأة: (فاظفر بذات الدين)، فلذلك ينبغي أن تكون هذه الأمور أيضًا واضحةً، وأن كل مَن يطرق الباب، وكل مَن هو جادٌّ جديرٌ بأن نلتفت إليه، ونهتم به، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير.

وأيضًا من المهم جدًّا أن تفتحي على نفسك أبوابًا لعمل إضافي؛ فالرزق يحتاج لسعي، وداومي على الصدقة؛ فإنها سبب للبركة في الرزق، ولو كان ذلك بالقليل.

ونكرر لك الشكر على التواصل مع الموقع، ونوصيك أيضًا بقراءة أذكار الصباح والمساء، وقراءة الرقية الشرعية على نفسك، ولا مانع من الذهاب لراق شرعي، يقيم الرقية الشرعية على ضوابطها، واقرئي ما شئت من القرآن؛ فإن فيه الخير، والقرآن لما قُرئ له، ولكن قراءتك لسورة معينة ينبغي أن ترتبط بما ورد عن النبي -عليه صلاة الله وسلامه-.

نسأل الله أن يبارك لك في الرزق، وأن يُلهمك السداد والرشاد، إنه وليُّ ذلك، والقادر عليه، ونكرر دعوتنا لك أيضًا إلى الاهتمام بصلة الرحم، وبر الوالدين؛ فإن هذه مفاتيح للرزق، ودعوة الوالدين أقرب للإجابة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك التوفيق والسعادة، ونكرر الترحيب بك في الموقع، وبارك الله فيك، وقدَّر لك الخير، ثم أرضاك به.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً