الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت رجلاً ووعدني بالزواج لكنه تزوج فتاة أخرى، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة ملتزمة بالصلاة، وأخاف الله كثيراً، ولكن أحببت شخصاً منذ سنتين، وأحبه قلبي، وروحي تعلقت به، ودعوت الله كثيراً أن يجمعني معه بالحلال، وبالطريقة التي ترضي الله، كي أتخلص من إثم كلامي معه، وكنت أقول لنفسي: إننا سنتزوج، ونصلح كل شيء بعد الزواج.

هو أحبني، ووعدني كثيراً أنه لن يتركني، وأن أمورنا بدأت تتيسر، وأننا سنتزوج، وكان يطلب مني أن أرفض الخطاب، وأن أصبر حتى تتيسر أمورنا، وأنا رفضت الخطاب، وضغطت على نفسي، وصبرت، وكان كل يوم يزداد حبي له، ودعوت الله كثيراً أن يجمعنا مع بعضنا بالحلال، دعوت بخشوع في قيام الليل، وكان عندي حسن ظن، أن الله سيستجيب دعائي، وأن الله لا يخيب ظن عبده به (إن مع العسر يسراً).

بعد مرور سنتين تركني الشاب، بحجة أنه تعب، ويحب أن يخطب فتاة غيري، ويرغب أن يرتاح ويتزوج، وتخلص مني، وكسر خاطري، وتركني بنصف الطريق، بعدما قلبي وروحي تعلقا به.

بعد أن تركني بأسبوع خطب فتاة أخرى، وهو في قمة السعادة، وأنا مكسور خاطري، بسبب صدمتي مما حصل، وأنا أعلم أني أذنبت، وأطلب من ربي أن يغفر لي.

هذا الشاب ظلمني، فهل يجوز لي أن أدعو الله أن يأخذ حقي منه؟ فإن الله عدل ولا يقبل بالظلم، وفي نهاية القصة أنا صرت مكسورة، وهو في هناء مع غيري، بنى سعادته على حسابي، فهل هذا يرضي رب العالمين؟ وهل الله سيأخذ حقي منه؟ هو تركني بعد أن وعدني بالزواج، وجعلني أصبر سنتين، وأرفض الخطاب، وأنا نيتي كانت الزواج، وما توقعت أنه يعمل بي هذا، فهل هو ظالم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ آلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والسؤال، ونسأل الله أن يغفر لك، وأن يُقدِّر لك الخير ثم يرضيك به، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.

لا يخفى عليك -ابنتنا الفاضلة- أن الإنسان لا يدري أين الخير، قال العظيم -سبحانه وتعالى-: (وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم) والعلاقة المذكورة لم تكن في الطاعة، والبدايات الخاطئة لا تُوصل إلى نتائج صحيحة، ولعل الخير في هذا الذي قدَّره الله تبارك وتعالى، ولا شك أن الشاب أساء وظلم (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) وهذا لا يعني نهاية الدنيا، فسيأتيك ما قدَّر الله لك، قال صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له).

استغفري الله، وتوبي من النقص والتقصير، وأمِّلي خيرًا، واستأنفي حياتك بأمل جديد، وبثقة في ربنا المجيد، ونكرر دعوتنا لك إلى التوبة النصوح، واجعليها بداية، واستغفري عن كل هذا الذي مضى من التقصير، فإن العلاقة المذكورة لم تكن في الله، ولم تكن لله، ولم تكن على منهج الله تبارك وتعالى، ولذلك أتمنى أن تستأنفي حياة جديدة.

أمَّا رغبتك في الدعاء عليه فلا مانع من أن تدعي عليه، وعلى كل من ظلمك، والإنسان لا يحول بينه وبين اللجوء إلى الله حائل، ولكن قبل ذلك قدّمي بين يدي الدعاء واللجوء إلى الله، توبة نصوحاً.

اعلمي أن هذا الذي حصل كان مخالفة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على تجاوز هذا الموقف الصعب الذي حدث، ونتمنى أن يكون فيه درس، فالفتاة إذا شعرت أن شاباً يميل إليها ينبغي أولًا أن تطالبه أن يطرق باب أهلها، وهذا هو أهم وأول اختبار لصدق الشاب وصدق نيته، فإنه يوجد في الشباب ذئاب، ومنهم من يضيع وقت الفتاة، يريد أن يقضي وقتًا ثم يتركها -كما حصل معك- ثم يبحث عن أخرى، وهكذا.

لذلك نحن ننصحك وننصح كل فتاة، إذا شعرت أن شابًا يميل إليها، ويدّعي أنه يريد أن يتزوجها، فأول إجراء تطالبه به، هو أن يأتي إلى دارها من الباب، ويقابل محارمها الأحباب، وهذا يضمن الطريق الشرعي للزواج، ويضمن صدق الشاب أيضًا؛ لأن صدقه يتجلى الآن ويتبيَّن، بل ينبغي لأهل الفتاة أن يطالبوه أن يأتي بأهله، فإذا كان صادقًا فإنه سيقبل، وإذا كان كاذبًا فإنه سيتوارى ويختفي.

اعلمي -يا ابنتنا- أن الإسلام أراد للفتاة المسلمة أن تكون مطلوبة عزيزة غالية، لا يستطيع الكبار والكرام الوصول إليها إلَّا عبر محارمها، ووجود المحرم في الشريعة فيه الحماية للفتاة، والرجل إذا وجد المرأة وراءها رجال فإنه يعمل لها ألف حساب، وإذا رآها أعطته نفسها، فسيقلل من شأنها.

لذلك نسأل الله تبارك وتعالى أن يعوضك خيرًا، وقبل ذلك أن يغفر لك ما حصل، واستبشري بالخير، وأبشري به، فإن هذا الكون ملك لله، ولن يحدث فيه إلَّا ما أراده الله، ونكرر: من حق الإنسان أن يدعو على كل من أساء إليه وظلمه، ونسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً