الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي يتصرف بغرابة ولا يريد أحداً يلمسه!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

لدي أخ غير اجتماعي، ويعاني من العزلة، وأشعر أن هذا وراثي؛ لأن أغلب إخوتي كذلك، لكن أخي هذا ترك المدرسة، ولما أصبح عمره في العشرينات أصبح يتصرف تصرفات غريبة، فلا يريد أحدًا أن يمسه، ولا يتلامس مع أي شيء، ويشعر عندما يلامس شيئاً أنه يتسخ، تطورت حالته حتى جلس في السرير، وعندما يشرب الماء ينادي أحداً يسكب له الماء دون ملامسة كوبه، والأكل يأكل وحيدًا، ظنًا منه أن الجميع لا يغسلون أيديهم جيدًا، ويظل في الحمام اليوم كاملاً، ويخاف كثيرًا من الزجاج المكسور.

عندما أتى أبي من السفر، ووجد حالته انزعج، وهو لا يريد أبي أن يأتي للإجازة؛ لأنه يدري أن أبي سوف ينزعج من جلوسه في المنزل بدون شغل، عندما لمس أبي سريره انزعج أخي كثيرًا، وبعد خروج أبي ترك المنزل.

بعد أن بدأ أبي بعلاجه أصبح عاديًا، لا أدري خوفًا من أبي أم أصبح عاديًا فعلاً؟! وعندما سافر أبي وبعد أربع سنوات رجع لحالته تدريجيًا، أصبح يرى أشياء نحن لا نراها، ويتكلم مع أشخاص غير موجودين، لا أدري أنه يكذب أم لا، ويظل يجلس في الغرفة، ويطلب الطعام والشراب كل يوم نفس الطعام، وإذا قلنا إن الطعام غير موجود ينزعج، ويصرخ، وتخاف أمي، وتجلب له الطعام الذي يطلبه، حتى أنها تستدين من أصحاب المحلات، وعندما أتي أبي للإجازة أصبح شخصًا آخر، وخرج من الغرفة، وأصبح يأكل ويشرب معنا، وأصبح طبيعياً.

أخي الآخر بدأ يصبح مثله، مع أنه كان يخرج ويلتقي أصدقاءه، لكن عندما باع أخي وأبي السيارة التي كان يريدها، أصبح يشك في جميع أفراد الأسرة، وغير مرتاح، ويخرج ويدخل من البيت كثيرًا، ويشك في الأشخاص الذين يراهم في الطريق بأنهم سوف يفعلون به أشياء تضره، ولا يتكلم معنا إلا للضرورة، هل هذا من صدمة أم ماذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجهولة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بكِ -أختنا الفاضلة- مجددًا عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لكِ تواصلكِ معنا، ونشكركِ أيضًا على اهتمامكِ بصحة أخيكِ أو إخوانكِ.

لا شك عندي أن ما ذكرتِه مما يتصف به هذا الأخ الذي تتحدثين عنه -والذي أصبح الآن في العشرينات- وما تصفينه من سلوكيات؛ لا شك عندي أنه يشير إلى أحد الاضطرابات النفسية، حيث إنه يعاني من الخوف من لمس الآخرين، وربما يكون ذلك بسبب وساوس قهرية؛ ثم إنه أصبح يرى أشياء لا ترونها ويتحدث مع أشخاص غير موجودين، فهذا ما نسميه بالهلاوس السمعية والبصرية، حيث يرى أو يسمع أمورًا غير موجودة في عالم الواقع.

يمكن أحيانًا بوجود شيء من الضغط أن يخفي الإنسان مثل هذه الهلاوس، فلا يعود يتحدث عنها، ويظن الناس أنه أصبح طبيعيًا، بينما هو لم يتغير، وإنما أصبح أكثر تكتمًا كي لا يزعج والدكِ أو يخشاه.

لا أدري كيف عالجه والدكِ، حيث ذكرتِ أنه عالجه، ماذا تقصدين بهذا؟ هل يعني هذا أنه أخذه إلى أحد الأطباء الذين شخصوا حالته ووضعوا له العلاج، أو مجرد أنه ضغط عليه لينتهي عن هذه التصرفات الغريبة؟ وإن كنت أستبعد ذلك.

على كل حال، المهم لدينا هو صحة هذا الأخ؛ لذلك أنصحكم بألا تترددوا أو تتأخروا في عرضه على طبيب نفسي؛ ليقوم بفحص الحالة النفسية والعقلية، ثم يضع التشخيص المناسب ويشرح لكم الخطة العلاجية؛ وكلما كان هذا التشخيص وهذا العلاج مبكراً؛ كلما أمكن أن نضمن نتائج أفضل تسرع في تحسين حالته.

أما تصرف أخيكِ الآخر فنعم، ربما هو أيضًا يحتاج إلى مثل هذه الزيارة للعيادة النفسية، فربما هناك عامل وراثي، بحيث إن بعض إخوانك لديهم مثل هذه التصرفات، لذلك أنصحكم بألا تترددوا أو تتأخروا في مراجعة الطبيب النفسي، وخاصة الأخ الأول، وأرجو أن لا تمنعكم وصمة المرض النفسي من مراجعة الطبيب النفسي، أدعو الله تعالى لكِ ولإخوانكِ بتمام الصحة والعافية.

ملاحظة: الاستشارات النفسية عند بُعد تبقى استشارات عن بُعد، وفي بعض الحالات لا بد من المعاينة المباشرة للمريض من قبل الطبيب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً