الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعوت الله أن يرزقني من أحبه لكن الأمور تتعسر!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ ثلاث سنوات أدعو رب العالمين أن يجعل إنسانًا من قسمتي ونصيبي، أقرأ القرآن كثيرًا، وأختم المصحف بنية أن يستجيب رب العالمين لدعائي، وأُسبح وأستغفر كثيرًا، وداومت على سورة البقرة، وحتى سورة يس بنية أن يستجيب الله لي، ولكن أموري تتعسر.

هذا الإنسان يحبني وأنا أحبه، ونتمنى بعضنا بالحلال وبطريقة تُرضي الله، ونيتنا الزواج، لكن أمورنا لا تتيسر، وأقول لنفسي: (إن مع العسر يسرًا)، لكني أرى العكس.

هل ربي لن يستجيب دعائي؟ وقد قال: (ادعوني أستجب لكم)، أليس ربنا عند حسن ظن عبده به؟ ظني أن الله سيستجيب لي ليجبر خاطري، ولكن الأمور تتراجع، ما السبب؟

هل رب العالمين يخيب ظن عبده فيه؟ لا أريد أن يكون من نصيب غيري، أشعر بأن الدنيا تسود في وجهي، هل هذا نتيجة الإصرار والخشوع في الدعاء؟ هل ربي يفعل بعبده الذي يظن به خيرًا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يُقدِّر لك الخير حيث كان، ويرزقك الزوج الصالح الذي تَقَرُّ به عينك، وتسكن إليه نفسك.

ثانيًا: نهنئك -ابنتنا العزيزة- بما تفضل الله به عليك من التوفيق للأعمال الصالحة من قراءة للقرآن والإكثار من ذكر الله تعالى والدعاء، فهذه أعمال صالحة وعبادات جليلة، لكِ ثوابها وأجرها عند الله تعالى، فأحسني نيتك، وأخلصي عملك لله، واعلمي أن الله سبحانه وتعالى رحيم بكِ، يقبل منك عملك ويُقدِّر لك خيرًا.

ثالثًا: نوصيك -ابنتنا الكريمة- بالاستمرار على ما أنت عليه من الدعاء، وسؤال الله تعالى، ولا تستعجلي مطلوبك من الله تعالى، فالله تعالى يُقدِّر المقادير بآجالها، وينزل القدر في وقته، وهو أرحم بك من نفسك وأعلم بمصالحك، فلا ينبغي أبدًا أن تتوقفي عن الدعاء أو تيأسي من أن الله سبحانه وتعالى لن يُعطيك ما تسألين، فهو سبحانه وتعالى غني كريم، فاحذري من الاستعجال، فقد يؤدي بك إلى اليأس والانقطاع، وقد قال الرسول ﷺ في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما، يقول في رواية الإمام المسلم: عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي ﷺ قال: «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدعُ بإثمٍ، أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: يقول قد دعوت، وقد دعوت فلم أر يُستجاب لي -فلم أر يَستجاب لي- فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء».

فهذا هو الاستعجال، أن يصل الإنسان إلى مرحلة ييأس فيها من إعطاء الله تعالى له ما سأل، فيترك الدعاء، (فيستحسر) يعني ينقطع ويترك بسبب الإعياء، فاحذري من هذا الاستعجال؛ فإنه سيحول بينك وبين خيرات كثيرة قدَّرها الله تعالى لك.

واعلمي أن الله سبحانه وتعالى إذا استجاب للعبد فإنه يُقدِّر له الخير، وليس بالضرورة أن يكون الخير هو أن يعطيه الشيء الذي سأل بعينه؛ لأن الله تعالى قد يعلم أن فيه شرًّا له، ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: «ما من مسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلَّا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إمَّا أن تُعجَّل له دعوته، وإمَّا أن يَدَّخِرَها له في الآخرة، وإمَّا أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا إذًا نُكثر؟ قال: الله أكثر»، فالله سبحانه وتعالى عنده خزائن السماوات والأرض، لا يُعجزه شيء، قدير على أن يُعطيك ما تسألين وزيادة، ولكنه رحيم بك وأرحم بك من نفسك، وهو مع ذلك أعلم بمصالحك، وقد قال تعالى في كتابه الكريم: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

نوصيك -ابنتنا العزيزة- بأن تُقبلي بقلبك كاملًا على الله تعالى عند الدعاء، وأن تدعي الله تعالى وأنت موقنة بأنه يستجيب، كما قال الرسول ﷺ: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة»، وقد صدقت حين قلت بأن الله تعالى عند ظن العبد، وقد قال الله في الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء» فظني بالله تعالى خيرًا.

ولا ننسى أن ننصحك، ونوصيك بأن تتجنبي الأسباب التي قد تَحُول بينك وبين إجابة الدعاء، فكوني على دوامٍ مع الله تعالى بالاستغفار والتوبة، والإقلاع عن الذنوب والمعاصي، وكوني على ثقةٍ من أن الله تعالى يُجيب دعوة الإنسان المسلم، فقد أخبرنا في كتابه بأنه يستجيب دعوة الكافر إذا دعاه وهو مضطر، فقال سبحانه وتعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} معناه أنه استجاب لهم لَمَّا دَعَوْهُ مخلصين مضطرين، فالله تعالى لن يردَّك خائبةً، فأحسني ظنك بالله.

وننصحك بأن تفوضي أمورك إلى الله تعالى، فربما كان الزواج من هذا الشخص بعينه الذي أنت حريصة عليه، ربما كان منطويًا على كثير من الشر والقَدَر المكروه، فيصرفه الله تعالى عنك، فنسأل الله تعالى أن يُقدِّر لك الخير حيث كان ويرضيك به، واصرفي همك واشتغالك نحو ما ينفعك ويفيدك في أمور دينك ودنياك، وسيأتيك قَدَرُ الله تعالى.

تعرفي على النساء الصالحات والفتيات الطيبات، وأكثري من التواصل معهنَّ، فهُنَّ من خير الأسباب في الوصول للزوج الصالح.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً