الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مبتلى بسب قبائل الناس، فكيف أحفظ لساني عن ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا مبتلى بسب قبائل الناس، كأن أقول: لعن الله قبيلتك، أو يجب على فلان أن يصفع قبيلتك، ثم علمت بخطورة اللعن وسب القبيلة، لأني عندما أسب القبيلة، فكل القبيلة تأخد من حسناتي، فقررت التحكم في لساني، بعد مدة وقعت في نفس المشكلة؛ لأن شخصاً أتى إلى أخي يريد اللعب معه، وسمعت من أهلي أنه مشاكس، وحينها قلت: يجب على أحد ما أن يصفع قبيلته، وأدركت ما قلت، وندمت على ذلك، فماذا يجب أن أفعل لحفظ لساني من اللعن؟ وهل هناك طريقة لكي أرجع حسناتي التي أخذت مني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخانا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، ونحن سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله تعالى مزيدًا من الصلاح والهداية والتوفيق.

وقد أصبت حين علمت وأدركت خطورة اللعن؛ فإن اللعن معصية من المعاصي، وقد جاءت أحاديث كثيرة في الترهيب والتخويف منها، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لعن المؤمن كقتله"، ومن ذلك إخباره -عليه الصلاة والسلام- في أحاديث بأن "اللعنة إذا خرجت من الإنسان، فإنها إذا لم تُوافق مكانًا يَستحقها، رجعت على صاحبها".

فاحذر من أن ينزلق لسانك في هذا، وجاهد نفسك على تذكر عواقب اللعن، قبل أن تتلفظ بالكلمة، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت"، أي يتفكر في الكلمة قبل أن يقولها، وينظر فيما تنتهي إليه هذه الكلمة من خيرٍ أو شر، فإذا وجد خيرًا قال، وإذا لم يجد خيرًا سكت.

وإذا عوَّدت نفسك على هذا -أي التفكر والتأمل في الكلمة وما تؤول إليه-، فإنك -بإذن الله- ستتغلب على كثير من المساوئ التي يقع فيها اللسان، فاستعن بالله سبحانه وتعالى، واسأله أن يهديك ويعينك على هذه الطاعة، وإذا غضبت فاستعذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وأكثر من ذكر الله تعالى قبل أن تتلفظ، فلا تدع الغضب يتحكم في تصرفاتك، ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام- لمن جاء يطلب منه وصية: أوصني، قال: "لا تغضب"، ومعنى لا تغضب: أي لا تدع الغضب يحكم تصرفاتك، ولا تأخذ بالأسباب التي تؤدي بك إلى الغضب.

وقد أصبت حين أدركت بأن سب الجماعة من الناس أو اغتيابهم أعظم من سب الواحد؛ لأن هؤلاء جميعًا يطلبونك حقًّا يوم القيامة، فننصحك بأن تُبادر بالتوبة، والتوبة تعني: الندم على فعل الذنب، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع الإقلاع عنه في الحال.

وأمَّا كيف تفعل في شأن هؤلاء الذين سببتهم أو اغتبتهم؟ فننصحك بالاستغفار لهم، وذكرهم بالمحاسن التي فيهم في المجالس التي اغتبتهم فيها أو سببتهم بها، فاذكرهم بالخير، واستغفر لهم، وقد جاء في الحديث "من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب له بكل مؤمن حسنة"، فأنت تستطيع أن تكسب حسنات كثيرة بهذه الطريقة، وستعوض -بإذن الله- ما كان قد ذهب منك من حسنات، ومَن سببته بعينه واستطعت أن تطلب منه السماح والعفو فافعل، فإنه إذا عفا عن حقه سقط عنك، وإلا يكفي الدعاء له.

فاستعن بالله سبحانه وتعالى على تقويم لسانك وتهذيبه، والتحلي بالأخلاق الحسنة، وأكثر من دعاء الله تعالى أن يرزقك ذلك، وقد كان من الأدعية التي علَّمنا إيَّاها النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت"، ومن دعائه أيضًا: "اللهم تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي".

نسأل الله سبحانه وتعالى في التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً