الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندما أقترب من النوم أشعر كأنني غير موجود.. ما تشخيص ذلك؟

السؤال

السلام عليكم،

منذ حوالي سنة، أصبت بنوبة هلع أثناء خلودي للنوم، شعرت بانعدام وزني، وثقل في الحركة، وشلل مفاجئ، ثم بدأ قلبي بالخفقان، وشعرت بارتفاع حرارة في رأسي وضعف في بصري، هُيَّئ لي أنه الموت، وبدأت أكرر نطق الشهادة حتى ذهبت الحالة، بعد ذلك أصبحت أتذكر الموت كثيرًا، وقررت الاستعداد له، وأحيانًا التفكير بالموت كان يسبب لي القلق والخوف قبل النوم، لكنه كان خوفًا طبيعيًا كأي إنسان يذكر الموت.

مؤخرًا عندما أستيقظ أو أخلد للنوم، أشعر بحالة مشابهة لكنها أكثر غرابة، أشعر بانعدام الوجود، وكأنني لست أنا أو كأنني ميت، تستمر الحالة لبضع ثوانٍ، ثم تختفي عندما أتحرك، أو أتفقد أعضائي، أعلم كيف أتخلص منها عندما تأتي، وأكون مدركًا لها، ولا تزعجني كثيرًا، لكني لا أعرف ما هي؟ وهل لها علاقة بنوبة الهلع السابقة؟ وهل علي القلق بشأنها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرزاق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية.

وصفك لنوبة الهلع وصف رائع جدًّا، ودقيق جدًّا، وبالفعل حين الخلود إلى النوم هذا هو أحد الأوقات المفضلة لنوبات الهلع، أو الهرع هذه، خاصةً إذا كان الإنسان مُجهدًا جسديًّا أو نفسيًّا، وما حدث لك حقيقةً واضحٌ جدًّا ودقيقٌ جدًّا، وكما وُصف في الكتب المعتمدة، وطبعًا هذه تجربة ليست بالسهلة على الإنسان، هي مزعجة جدًّا، ولكنها قطعًا ليست خطيرة، ومن تبعاتها أن الإنسان قد يعيش تحت ما نسميه بالقلق التوقعي، يكون هنالك نوع من الصدمة التي تجعل الإنسان يعيش في اجترارات وذكرياتٍ عن هذه الواقعة، وهذه الاجترارات يكون معظمها على مستوى العقل الباطني، ممَّا يُولِّد الخوف من الموت -كما تفضلتَ-.

طبعًا بالنسبة للخوف من الموت: يجب أن نخاف من الموت خوفًا شرعيًّا، ولا نخاف منه خوفًا مرضيًا، فقد قال -ﷺ- «أَكْثِرُوا ذِكْرَ ‌هَادِمِ ‌اللَّذَّاتِ» يَعْنِي الْمَوْتَ.

الحالة الأخرى التي حدثت لك، وهي الشعور بانعدام الوجود، أو التغرُّب عن الذات، والبُعد عن الذّات -ويسميه البعض باضطراب الأنّية- فهو نوع من القلق النفسي، وليس أكثر من ذلك، وطبعًا القلق النفسي هو المموّل الحقيقي لنوبات الهرع، وكذلك لاضطراب الأنيّة.

فإذًا الأساس هو القلق، وليس أكثر من ذلك، وحالتك -إن شاء الله تعالى- ليست حالة مرضية، إنما هي ظاهرة من الظواهر النفسية، ونشكرك حقيقةً على رسالتك هذه لأنها واضحة جدًّا، و-إن شاء الله- تفيدك وتُفيد غيرك ممَّن يطلع عليها.

أرجو أن تطمئن، ونصائحي لك هي التجاهل التام لهذه الظاهرة، وأن تعيش حياتك بكل أملٍ ورجاء، وأن تتجنّب السهر، أن تتجنب الكافيين بكميات كبيرة، خاصةً في فترات المساء، وأن تُمارس الرياضة، وأن تمارس تمارين الاسترخاء (2136015)، وأن تحرص على الأذكار، خاصةً أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم والاستيقاظ وغيرها من الأذكار الموظفة في اليوم والليلة، وأن تتخلص أيضًا من الفراغ -الفراغ الذهني، أو الفراغ الزمني- وتجعل حياتك مفعمةً بالتفاؤل، ومليئة بالأنشطة الفكرية، والمهنية، وأن تنطلق في الحياة بصورة إيجابية، وأن تضع لنفسك أهدافًا، وتضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك، وأن تحرص على الوصول إلى أهدافك، وأن تحرص على التواصل الاجتماعي، وأن تكون بارًّا بوالديك.

هذه كلها مُعيناتٍ لتوجيه القلق التوجيه الصحيح، ليتحوّل من قلقٍ سلبيٍّ إلى قلقٍ إيجابي.

أيها الفاضل الكريم: هنالك عقار دوائي مفيد جدًّا لعلاج هذه الحالات، هذا الدواء يُسمى (اسيتالوبرام) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (سيبرالكس)، أنا حقيقةً أنصح باستعماله في مثل حالتك لمدة قصيرة وبجرعة صغيرة.

الجرعة الكلية لهذا الدواء هي عشرون مليجرامًا يوميًا، لكنك لا تحتاج لهذه الجرعة، تحتاج فقط أن تبدأ بجرعة خمسة مليجرامات يوميًا -أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات- تتناولها، لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها عشرة مليجرامات يوميًا، لمدة شهرين ونصف، ثم اجعلها خمسة مليجرامات يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ، لمدة عشرة أيامٍ أخرى، ثم توقف عن تناول الاسيتالوبرام.

هذا الدواء رائع، مفيد، ممتاز، يتميز بأنه غير إدماني، ولا يُؤدي إلى أي آثارٍ جانبية، كما أنه لا يُؤثّر أبدًا على الهرمونات الذكورية، وطبعًا لا يُسبب الإدمان، فقط ربما يفتح الشهية قليلًا نحو الطعام، فإن حدث لك شيءٌ من هذا أرجو أن تتخذ التحوطات اللازمة، حتى لا يزيد وزنك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً