الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل انتكاسة مريض الفصام يمكن أن تُصعب العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم على موقعكم الجميل، ولما تقدمونه من معلومات جميلة.

أخي عمره الآن 28 سنة، قبل 6 سنوات تقريبًا أصيب بنوبة؛ كان يرى ويسمع أشياء غير حقيقية، المهم أخذناه إلى طبيب نفسي، فأعطاه دواء اولنزابين، استخدمه وتحسن تحسنًا تامًا -والحمد لله-، وعاد إلى حياته، وبعد فترة سنة، أو سنة ونصف من بدء استخدام العلاج تركه، وقال: إنه بخير، فوافقناه؛ لأننا رأيناه بخير تمامًا، واستمر في تركه 4 أشهر دون حدوث أي مشاكل.

بعد ذلك بدأ يشعر بسماع أشياء، ويرى أشياء، فأخذناه للطبيب، واستمر أخي على أخذ الدواء، واستقرت حالته، ولكن كان يقطع العلاج من تلقاء نفسه، وبدون علمنا، وكنا نلاحظ عليه تغيرًا فنعرف أنه ترك العلاج، فنقول له: أخطأت في ترك العلاج، المهم أخي ندم أنه ترك العلاج، ورجع واستمر عليه.

قبل شهر ترك العلاج لمدة 15 يومًا فتغير؛ وبدأ يشعر باكتئاب، ويسمع ويرى أشياء.

الآن أعدنا له العلاج، وهو مستمر عليه، وتحسن -الحمد لله-، لكن لدينا مخاوف أنا وأمي، وهي كالآتي:

هل الانتكاسة تصعب العلاج؟ يعني إذا انتكس هل العلاج بعد الانتكاسة يكون غير مجد مثل قبل الانتكاسة؟

وأهم سؤال: هل يمكن أن تحدث انتكاسة وهو يستخدم العلاج؟ يعني يرى ويسمع، وهو يستخدم الدواء، أم ما دام يستخدم الدواء، فلن تحدث انتكاسة أبدًا؟

وهل إذا كان يستخدم الدواء وتعرض لمواقف صعبة مثل: موت قريب، أو حبيب، هل من الممكن أن تحدث له انتكاسة بسبب ذلك، أم أنه سيتأثر كتأثر أي أحد؟

أمي قلقة خصوصًا من هذه الفترة؛ لأنها بحثت في الانترنت عن الفصام، وفيه معلومات مخيفة، مثلاً: هل يمكن أن يأتي يوم ويرفض أخذ العلاج، ثم يصيبه شيء؟

أخيرًا: هل يمكن أن يتزوج أخي؟ علمًا أنه إنسان طيب جدًا، ويساعد غيره، وهو يشتغل الآن.

ملاحظة: تغذيته سيئة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محب النبي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، وشكرًا على سؤالك واستشارتك.

ما ذكرته عن مرض الفصام في حالة أخيك هي من الحالات الشائعة، وهي حدوث انتكاسات بعد إيقاف العلاج، وخاصة إذا تم إيقاف العلاج مبكرًا قبل حدوث الاستشفاء التام؛ ولذلك الإجابة عن سؤالك الأول: هل الانتكاسة تُصاحب العلاج في المستقبل؟ الجواب: نعم، من الأشياء التي يمكن أن تُسهم في صعوبة العلاج في المستقبل حدوث الانتكاسات المتكررة لمريض الفصام.

ولذلك ننصح المريض بعدم التوقف عن العلاج والاستمرار في الدواء بشكل مستمر، ومراجعة الطبيب بشكل منتظم، حتى نمنع حدوث الانتكاسات؛ وبالتالي حدوث حالة ما يسمى بحالة الفصام صعب العلاج، أو يحدث صعوبة في استخدام الأدوية في المستقبل.

كذلك سؤالك: هل يمكن حدوث انتكاسة خلال استخدام العلاج؟ الجواب: نعم يمكن أن تحدث، ولكن من خلال المراجعة والمراقبة المستمرة للمريض؛ ولعلامات الانتكاسة خلال فترة العلاج؛ يمكن أن تتم مراقبتها بشكل دقيق، وكذلك بالتأكد من جرعات العلاج، وأخذها في أوقاتها المناسبة، وبالطريقة المناسبة.

لكن هناك بعض المؤثرات التي يمكن من خلالها حدوث الانتكاسة مثل: الضغوطات النفسية، والاجتماعية المختلفة خلال الحياة. وقد ذكرت أنت منها مثلًا المواقف الصعبة، مثل: موت قريب أو حبيب، وهذه يمكن أن تكون سببًا للانتكاسة، ولكن أيضًا يجب حماية المريض خلال هذه الفترة بواسطة الدعم النفسي، والاجتماعي من خلال الأسرة فربما يُساعد المريض على عدم الانتكاسة، خلال هذه الفترات التي يمرّ فيها الإنسان بضغوطات الحياة المختلفة، نعم هو يتأثر مثله مثل أي شخص آخر، ويتأثر بظروف الحياة المختلفة، لكن الدعم النفسي، والاجتماعي بالمقابل يُساعده كما يُساعد الجميع على التأقلم، والتعوّد، والخروج من هذه الظروف النفسية من غير حدوث انتكاسة.

هنالك الكثير من المعلومات المغلوطة في المجتمع -كما ذكرت- وقد تكون معلومات مخيفة، ولكن أرجو ألَّا تلتفت إلى مثل هذه المعلومات، وانصح والدتك أن تأخذ معلوماتها الصحيحة من خلال سؤال الأطباء المتخصصين في مجال الطب النفسي، ومراجعة ما يخص ابنها من خلال مناقشة الطبيب في أثناء فترة المراجعة.

هل يمكن أن يُصاب بالانتكاسة إذا حصل ورفض المريض العلاج؟ الجواب: نعم تصيبه انتكاسة بلا شك؛ لذلك لا بد من الحرص على نصح المريض بشكل مستمر باستخدام العلاجات، وعادةً ما يرفض المريض العلاج إذا كانت هناك أعراض جانبية، فلا بد من التأكد من عدم وجود أعراض جانبية، وحتى إذا كانت هناك أعراض جانبية، فيمكن التحكم فيها من خلال الكثير من العقاقير، والأشياء الأخرى التي يمكن عملها حتى يتم التخلص من الأعراض الجانبية، وبذلك يستمر المريض في أخذ العلاج دون أي تأخُّر، أو دون أي حدوث انتكاسات في المستقبل.

هل يمكن له أن يتزوج؟ الجواب: نعم هو كشخص من حقه أن يتزوج، ومن حقه أن يعمل، وذكرتَ أنه يشتغل الآن؛ ولذلك لا يمنع من الزواج، ولكن من المهم جدًّا أن تعلم شريكة الحياة أنه مُصاب بهذا المرض، وأنه يحتاج إلى المساعدة، والدعم النفسي، والاجتماعي، وكثير جدًّا من الزيجات لأشخاص مصابين بالفصام كانت سببًا في حياة طبيعية، وعدم حدوث انتكاسات، ومراقبة للأدوية، ومساعدته في المستقبل.

ذكرت أن التغذية غير سليمة، وأنها سيئة؛ فيجب التعامل مع المريض في موضوع الصحة الجسمانية بشكل جيد؛ وبالتالي أخذ الأغذية بشكل منتظم، فكثير من الاضطرابات النفسية يكون السبب فيها اضطرابات عضوية، فلا بد من التأكد من الصحة العامة، وأخذ الأغذية المختلفة والسليمة، وعدم تجاهل ذلك؛ لأن ذلك يُؤثر على الصحة النفسية.

كذلك من الأشياء الأخرى المهمة هي: ممارسة أنواع الرياضات المختلفة، التي تساعد على الاسترخاء، وعلى صحة الجسد، والنوم بشكل منتظم، ولا أنسى أيضًا ضرورة الاهتمام بالجوانب الروحية، والجوانب الدينية التي يمكن أن تساعد على الاستقرار النفسي، ومنع حدوث الانتكاسات في المستقبل؛ كنصحه من الإكثار من ذكر الله، وتلاوة القرآن، والقيام بفرائض الله.

شفاه الله، ووفقكم الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً