الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حملت مع تناولي لدواء منع الحمل وساءت معاملة زوجي لي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا أم لطفلة عمرها 8 سنوات وطفل 7 سنوات، وحالتنا المادية جيدة، وكنت أرغب في الإنجاب مرة ثالثة، وزوجي عندما أناقشه يتحجج لأسباب غير منطقية، ويقول: ليس الآن، وانتظرت ثلاث سنوات لعله يغير رأيه لكنه ما زال على رأيه، ودائمًا نفس الكلام.

وفي هذه السنة -ودون أي عمل مجهود- وجدت أني حامل، رغم تناولي لحبوب منع الحمل لمدة 6 سنوات متواصلة، وعندما علم أني حامل رفضه، وهددني بالطلاق، ولا يُنفق عليّ، علمًا أني مغتربة بعيدة عن أهلي، وليس لي عائل مادي، ولم يسمح لي بالعمل، وأنا الآن أرغب في الأكل وليس معي مال.

خفت أخبر أهلي فتكبر المشكلة، وفي بعض الأحيان أفكر في الانفصال، يقول بأنه لا يهتم بي ولا بالذي في بطني، فلا يهتم بي، ولا يأخذني إلى الطبيب، وإذا سألته عن سبب ذلك لا يعطيني إجابة مقنعة، ويقول فقط: (ليس الآن)، لماذا لا أدري؟!

أخبرته أني أكبر، وعمري 36 سنة، وهو لا يسمع أبدًا، وسألته إن كان لديه امرأة أخرى فينكر ويقول: (لا)، وحالته المادية جيدة، وله بيت وسيارة، وله راتب جيد، كل الذي يقوله أني لم أعتبر وأطيع كلامه وأسقطت كلمته، وكما أقسمت له بالله أني لم أتعمد هذا وأنه أمر الله، يرفض ذلك مِنّي.

الآن لا يكلمني، وهذا يزعجني كثيراً؛ لأني في فترة حساسة جدًّا، فأرجو أن تفيدُوني، هل يحق له هذا؟ وهل أنا مذنبة؟ وما الحل؟ وماذا يجب عليّ أن أفعل؟ وهل يجوز لي طلب الانفصال لأني فعلاً تعبت ولم أعد أحتمله؟ وهل لي أن أدعو عليه؟ فأنا أدعو عليه كل حينٍ لظلمه الشديد لي، وتماديه في ظلمه، وأفكر أحيانًا في أبنائي، فأرجو إفادتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم خلود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يكتب السلامة لك، وأن يُنبت هذا الجنين نباتًا حسنًا، وأن يجعله بارًّا بوالديه، وأن يُلهم زوجك السداد والرشاد، وأن يهديه لأحسن الأخلاق والأعمال فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

لا ذنب لك في الذي حدث، ونتمنَّى أن تصبري وتتسلحي بالصبر حتى لا يتضرر الجنين بهذه التوترات التي قد تظهر عليكِ، ونسأل الله أن يُعين زوجك على تفهم هذا الأمر، وهذا الأمر بيد الله -تبارك وتعالى- فإنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَا ‌مِنْ ‌نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ) فما من خلْقٍ يُقدِّرُ الله خلقها إلَّا خُلقتْ، رضينا أم أبينا، وهذا ما قاله النبي (ﷺ) عندما استأذن الصحابةُ في العزل، وقالوا: (نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللهِ ﷺ بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ)، فسألوا رسول الله (ﷺ) فقال: (مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا) يعني لا بأس، لا عليكم ضرر في الترك، ولكن (لَيْسَ ‌مِنْ ‌نَسَمَةٍ قَضَى اللَّهُ لَهَا أَنْ تَكُونَ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ)، يعني: يُقدِّرُ الله أن تخرج إلَّا خرجت أو كما قال عليه صلاة الله وسلامه.

فلا ذنب لك في هذا الذي حدث، بل حافظي على هذه الروح وعلى هذا الطفل، وتسلّحي بالصبر، ولا تُكثري الجدال معه، ونسأل الله أن يُعينه على تفهُّم هذا الوضع.

إذا كان بالإمكان تشجيع هذا الزوج من أجل أن يتواصل مع الموقع حتى نُبيّن له أهمية أن يُحسن إلى زوجته، خاصة في مراحل حملها بالجنين؛ لأن الجنين يتضرر من هذا التوتر، وكذلك الأبناء إذا سمعوا هذا الذي يحدث من والدهم فإن الضرر سيلحق بهم، وهذا ما لا نريده بلا شك لأبنائنا وبناتنا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهدي زوجك.

وندعوك إلى كثرة الدعاء له وليس الدعاء عليه؛ لأن الدعاء له ينفعه وينفعك وينفع الأسرة، أمَّا الدعاء عليه يضرُّه ويضرُّك ويضرُّ بالأبناء والبنات وبالأسرة جمعاء.

محاولة معاملته بطريقة حسنة هو الأفضل، والصبر على ما يحدث منه عاقبته إلى خير -إن شاء الله تعالى-، والصبر هو أحسنُ وسيلة تجعله يعود -إن شاء الله- إلى صوابه، ونتمنّى أن تُشجعي تواصله مع الموقع، حتى يسمع التوجيهات الشرعية المناسبة.

مرة أخرى: اهتمي براحتك النفسية، وحاولي امتصاص هذه الصدمات، لا تُعطي الأمور أكبر من حجمها، ولا يحق له هذا الذي يفعله، أنت لست مذنبة، الحل في التوكُّل على الله والاستعانة به، والصبر، والمواظبة على ذكر الله تبارك وتعالى.

قطعًا نحن لا نؤيد طلب الانفصال لأجل هذا السبب، ولأجل هؤلاء الأطفال الذين سيُصبحون ثلاثة مع هذا الطفل، فهم أيضًا لهم حق، وهم الشريك الذي يتضرر أكثر من ضرر الزوجة أو الزوج بالفراق والطلاق.

مرة أخرى: ندعو إلى تجنّب الدعاء عليه، بل الدعاء له، وتفكيرك في أبنائك وفي مصلحتهم ومصلحتك، وأن الأصل هو الاستقرار والاستمرار، هذه الأمور ينبغي أن تسيطر على تفكيرك.

نسأل الله أن يكتب لكِ السلامة والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً