الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يمنعني من زيارة أهلي في بلدي، فكيف أتصرف؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا امرأة مغتربة مع زوجي، وزوجي يمنعني من زيارة أهلي في بلدي، ويمنع أولادي أيضًا، تحقيقًا لرغبة والدته، وحين أطلب زيارة أهلي يقول: اذهبي لرؤية والدي ووالدتي فهم بمقام أهلك، فهل هذا من الصواب؟ بانتظار الرد.

ولكم مني فائق الاحترام والتقدير. شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –ابنتنا العزيزة– في استشارات إسلام ويب، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمعك بوالديك وييسّر لك طاعة زوجك.

ونحن نُدرك مدى حاجتك في رؤية والديك، ونقدّر شوقك إليهما، ولكننا في الوقت نفسه نوصيك بأن تكوني حكيمة في كيفية إقناع زوجك بزيارتك لأهلك، فالواجب الشرعي على المرأة طاعة زوجها، ولا يجوز لها أن تخرج من بيته إلَّا بإذنه، فضلاً عن أن تسافر، ويجوز للزوج أن يمنعها من السفر، ونواسيك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي رواه أبو هريرة –رضي الله عنه– وخرّجه ابن حبان وغيره من كتب السنة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا ‌صَلَّتِ ‌الْمَرْأَةُ ‌خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا؛ دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ).

فهذا الحديث فيه مواساة كبيرة للمرأة، وبيان نهاية الطريق الذي تسير فيه، وأنها إذا قامت بفرائض الله تعالى وأطاعت زوجها فإن نهاية هذا الطريق الجنّة، وإذا دخل الإنسان الجنة نسي كل المعاناة التي كان يعيشها في دنياه.

فحاولي إن استطعت بالكلمة الطيبة والأسلوب الحسن والتودد الجميل إلى زوجك أن يُعينك على تحقيق هذا الهدف والغرض وهو زيارة الوالدين، وإطفاء الشوق إلى رؤيتهما والإحسان إليهما، ولعلك بحسن تصرفك مع زوجك تقدرين -إن شاء الله تعالى- على إقناعه بمساعدتك على تحصيل هذا الغرض.

أمَّا من حيث الوجوب الشرعي فإنه لا يجب عليه أن يسمح لك بالسفر، كما لا يجب عليه أيضًا أن يُنفق نفقات هذا السفر، ولكنك إذا ذكّرته بثواب حُسن المعاشرة، وثواب الإحسان إلى الآخرين، لقول النبي: (مَنْ كَانَ ‌فِي ‌حَاجَةِ ‌أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ)، و(مَنْ ‌أَعَانَ ‌مُسْلِمًا كَانَ اللَّهُ فِي عَوْنِ الْمُعِينِ مَا كَانَ فِي عَوْنِ أَخِيهِ)، وأن الله سبحانه وتعالى يُخلف على الإنسان كل نفقة يُنفقها، ولا سيما إذا كانت في وجوه البر والطاعات، كما قال سبحانه وتعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39].

فبهذا النوع من الكلام يمكن أن يلين جانب زوجك إليك، وتصلي إلى تحقيق غرضك، فإن لم تصلي إلى ذلك فاحتسبي صبرك عند الله سبحانه وتعالى، وسيجعل الله تعالى لك من أمرك يُسرًا.

ومن حُسن التصرُّف والتدبير أن تحاولي التقرُّب إلى زوجك بالإحسان إلى والديه، والتودُّد إليهما، فالإنسان يستطيع أن يحوّل بكلماته الجميلة وتصرفاته الحسنة، يحوّل ألدَّ أعدائه إلى أقرب الأحباب والأصحاب، كما قال الله سبحانه وتعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].

نسأل الله تعالى لك التيسير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً