السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختكم في الله تود استشارتكم في أمر يشغلها منذ ثلاث سنوات، فقد كان يتردد على بيتنا شاب من قريتنا، يدرس بالجامعة ويقوم بإعداد بحث التخرج، يتردد من حين لآخر بغرض مقابلة والدي الذي يشرف على بحثه، وكنت حديثة عهد بالحجاب والالتزام، كان هذا الشاب يدخل إلى المكتب مسرعا وعيناه لا ترتفعان عن الأرض، وقد صدمت يوماً عندما شاء الله أن يرن جرس الباب، فأقوم أنا لأفتح؛ فإذا به هو وقد غض بصره عني، ثم سألني عن والدي، عندها أصابني شيء عجيب، قد تستغربون إذا قلت لكم إنه يشبه إحساس محبة عندما تلتقي بحبيبها.
كان بداخلي شيء يقول لي: إنه هذا هو الصواب، هذا هو ديننا هكذا أمرنا ربنا، واستحضرت عندها سورة النور وما جاء فيها من غض للبصر، وانتبهت حينها أنني لا أطبق أوامر الله، كل هذا جال بخاطري في ثوان، فوجدتني أغض بدوري بصري وتلعثمت في الكلام، (لا أكتمكم أنني قد نظمت قصيدة في وصف كل هذا).
لم أكن أتوقع أن الشخص الذي كان يقصده أخي بعد صلاة العشاء (قبل هذا) ليتناولوا أحد المواضيع الفقهية، أو أحد درو س الشيخ ابن عثيمين يمكن أن يصل تدينه إلى هذا الحد.
كانت أمي تلحظ عليّ الإهتمام بمجيئه، فأطلب من إخوتي الهدوء وأخفض صوت التلفاز، فسألتني يوماً عن رأيي فيه؟ فقلت لها: إن فيه كل المواصفات، وكان هذا الشاب من عائلة فقيرة جداً من عشرة أفراد، فقالت: إنها ووالدي مستعدان لمساعدته مادياً إذا تقدم لخطبتي.
هناك استحضرت جواز عرض المرأة نفسها لشاب صالح مثل السيدة خديجة وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فعرضت عليها وعلى أخي الموضوع، إلا أن هذا الأخير لم يقبل بحجة أن أفكاره العملية في الحياة بعيدة عن الواقع، (في بلد مسلم يلاحق الملتحين والمحجبات).
في هذا العام أتممت أنا دراستي الجامعية، وهو بصدد إتمام بحثه، ولم يتقدم لخطبتي أحد، ولم أتحدث مع هذا الشاب، ورغم ذلك فقد أسرني بدينه وخلقه؛ لأنني أحلم دوماً أن أجد الزوج الذي يتقي الله، فتكون طاعتي له سبباً في دخولي الجنة "بإذن الله" وأكوّن أسرة مسلمة تقية، أي أنني لم أرغب في هذاالشاب من حبي لشخصه (كما ترغب أي فتاة في أي شاب) ولكن لدينه الذي أرى -والله أعلم- أنه سيكون معينا لي على أمر ديني وآخرتي.
أرجوكم أشيروا علي برأيكم، وأنا خائفة إذا تقدم لخطبتي شخص آخر أقل منه تدينا وخاصة لا يغض بصره، (ولو كان بمنظور الآخرين ملتزما) أخاف أن أرفضه دون أن أستطيع ذكر السبب، مع العلم أنه قد سولت لي نفسي يوماً أن أكتب له رسالة إلكترونية أطرح عليه فيها الأمر، ولكني أحمد الله أنها لم تتم.
هذه الأيام أعدت الأمر على أمي؛ لأنه صار يقلقني، فوعدتني أنها ستحاول بمعرفتها فعل شيء، من جانبي فإني أدعو الله أن يرزقني زوجاً صالحا وإن كان هذا الشاب فيسره لي.
هل أبالغ في هذا الحرص؟ وهل يمكن أن يكون غض البصر من المظاهر ولايكون قلبيا وصادقا؟ وماذا أفعل طالما لم يتقدم لخطبتي؟
وجزاكم الله خيراً.