السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
من يأخذ بيد هؤلاء المساكين الذين تهتز مشاعرهم تجاه حب الإغراء والغزل باسم الضياع والفشل، وتضعف نفوسهم أمام تلك المنافسات الشيطانية في هذا العصر الذي يحمل شتى أنواع الشر والدمار عن طريق أمور كثيرة تكاد لا تنتهي، وهي في ازدياد كل يوم، فهناك أبواب للشيطان يدخلها الشباب وهم لا يبصرون ولا يسمعون، فصارت الوسائل المدمرة متوفرة بشكلٍ كبير، فهناك النفوس الضعيفة وأصدقاء السوء، بالإضافة إلى الوسائل المصاحبة للضياع، والتي يستخدمها الشباب بقصد التواصل بين الشر والمتابعة فيه، فالجوال صار وسيلة مُثيرة تقرب إلى شتى أنواع الضياع، ولقد خرج في الآونة الأخيرة ما يُعطي الجوال لمسة راقية في سماء الضياع بما يسمى بالبلوتوث، والذي يُعتبر وسيلة من وسائل الدمار بيننا كشباب... وغيره وغيره الكثير، ولا أريد حصر الموضوع على الجوال فقط، بل أضرب به مثلاً، فوسائل الدمار كثيرة، والدمار شامل علينا كشباب، نضيع كل يوم وكل لحظة، ولكن من ينجينا من هذا الضياع؟! فعندما نفكر بالخروج من هذه الرياح القوية المدمرة وتبدأ أبواب الأمل في الانفتاح، نراها تبتعد أميالاً وأميالا.
أنا شابٌ أبلغ من العمر 21 سنة، أعزب، من الشباب الذي لي قلب وعقل ومشاعر تتأذى بمشاعر الإغراء وغيره، أحياناً أذكر الله وأُبعد الشيطان عني، ومراتٍ يوسوس لي ويزيّن لي الخبث فأسقط أمامه حائراً في ظل تلك الإغراءات الموجودة في هذا الزمن، ولقد فكرت في وضع حد لكل شيء، وأنجو بنفسي من هذا الأمر، ففكرت في الزواج، فهو دواء وسلاح يحفظ الشباب في هذا العصر، ويبعده عن مشاعر الفتنه والضياع، ويجعل حياته مستقرة، فكرت وفكرت، فأنا شابٌ محتاج إلى هذا الأمر، أريد أن أتزوج وأن أستقر، وأبعد عني هذه الأمور التي قد تؤذيني وتضيعني، فأنا موظف في أحد القطاعات الخاصة، وراتبي متوسط يكفيني ويكفي زوجتي، والسكن كبداية مع أهلي حتى ييسر الله، وعندما عزمت الأمر وفتحت أبواب الحياة حتى أستقبل هواء نظيفاً باسم الزواج، بادرت بطرح الموضوع على أهلي، وقبلهم كلمت أصدقائي فأيدوني، فتمسكت أكثر، وصار عزمي أكبر، فطرحت الموضوع على والدتي فلم تصدق من شدة فرحتها، وقبلت الأمر، فزاد إصراري، وبالرغم من أنه ليس لدي إلا المال القليل الذي قد يغطي ربع المهر، هذا بالإضافة إلى أنه ينقصني الزواج والعشاء والسيارة، فلست أملك ذلك، ولكن إصراري على إنقاذ نفسي من الضياع جعلني لا أفكر بغير الزواج، فأصدقائي متزوجون ويؤيدونني على الزواج، نجحت في الخطوة الأولى وهو رضا والدتي، وبقيت الخطوة الأخيرة وهي رضا والدي، فهو لا يسكن معنا في نفس البيت، بل إنه متزوج من امرأةٍ أخرى ويسكن معها في بيتٍ آخر، اتصلت عليه، وطلبت مقابلته، وأنا نشوان فرح، يرفعني الحماس والسرور، فأنا سوف أبتعد عن هذا العالم الأعزب الذي يدمره شر الزمان، وعندما حضر والدي فاتحته بالموضوع وقلت له أريد الزواج، فأنا خائف على نفسي، وأريد الاستقرار والحفاظ على نفسي، وتوقعت أنه سيفرح لي ويؤيدني على ذلك، لكنه رد بأنني ما زلت شاباً، والعمر أمامي طويل، فرددت عليه بأن الإنسان لا يضمن يومه، فأنا أريد السعادة وأريد أن أستقر، فوضح لي بأن الزواج مسئولية وتكاليف ومصروفات، أعلمته أن كل شيء بيد الله، لكنه كان يتعذر بأي شيء وكأنه يريد أن يقولها بصراحة، فقال: "أي أبٍ في الدنيا يسر ويفرح لتفكير ابنه بذلك لكنك أنت ما زلت شاباً وبدري عليك الزواج" عندها جن جنوني وانسدت نافذة الفرحة في وجهي، وكان عذره المال، أي ليس لديه المال للزواج، مع العلم أني متأكد أن لديه المال، فهو موظف أرامكو وراتبه -ولله الحمد- مرتفع، ولديه الاستطاعة لتزويجي، ولكنه يحب المال أكثر من ابنه، وأنا الضحية أقف ضائعاً، لا أدري ماذا أفعل! رغبتي بالزواج انطفأت، فليس لدي المال، وليس لدي شخص يفهم أني بحاجة ماسه لذلك الشيء.
ماذا أفعل مع والدي الذي أشعر بأنه واقفٌ في طريقي؟!! هل أضيع وأستسلم لما يمر به أي شاب في هذا الزمن؟! فأنا حائر، لا علم ماذا أفعل!! أحس أن نفسيتي بدأت تتغير إلى الأسوأ وأنا أرى أن أقرب الناس إلي يقف في طريق حياتي.
أفيدوني، هل أبقى هكذا أهتز مع رياح الضياع حتى انتهي، أم أظل حائراً باكياً على حظي؟
ابنكم: فيصل