الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطيبي ترك عمله ولم يبحث عن غيره، ويأمرني بالاستمرار في وظيفتي، ما رأيكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

أنا فتاة موظفة عمري 32 سنة، متخرجة من الجامعة، مثقفة وطموحة -ولله الحمد-، خطبني شاب منذ شهر، وصفته بالتدين والأخلاق، بعد الاستخارة والسؤال من طرف الأهل تم القبول، وتم العقد الشرعي قبل أن أتكلم معه مباشرة، بصراحة لم أكن أعلم أن والدي لم يتقبله حتى الآن، ونزل فقط عند رغبتي المبدئية، وكان ينتظرني أن أرفض.

هو لا يملك شهادة، فقط أكمل تعليمه الإعدادي، وهذا الأمر يحز في نفسي، حتى أخطاؤه الإملائية في اللغة العربية كثيرة، أقلقني هذا الأمر، ولكنني فضلت الدين والخلق، بعد العقد بشهرين توقف عن العمل، ولا يبحث عن غيره، تكلمت معه في الموضوع، يقول إنه سيدعو الله، وإذا كان هناك رزق سيأتيه، وهو غير طموح مطلقا، وليس له شهادة في أي مجالات العمل.

أقول له: قم ولو بعمل تطوعي، لكنه يرفض لأنه يريد المال، حتى الرياضة لا يواظب عليها، كرهت مكثه بالبيت دون حراك، وعندما أقول له اذهب إلى المراكز واسأل عن أي دورة خاصة بالطبخ أو غيره يصمت، قلقت جدا لأن أملي كان التوقف عن العمل في الإدارة، وتجنب الاختلاط بعد الزواج، وهو كان يؤيد هذه الفكرة، ولكنه أصبح يقول لي اقبلي بالعمل، ويأمرني بطاعته، ولكن طالما أنه ليس قواما، ولا يتحمل المسؤولية، فكيف أطيعه؟ وأخشى أن يبقى بلا عمل وأصرف عليه بعد الزواج، فما رأيكم بأمري؟

أشيروا علي بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فمرحبا -بك أختنا الكريمة- في الشبكة الإسلامية، وردا على استشارتك أقول:

يبدوا أنك تعجلت في إبداء الموافقة، ولم تتعبوا أنفسكم في البحث والتحري، ولم تستشيري والدك وتنظري في رأيه، لأنه من أكثر الناس حبا لسعادتك واستقرارك.

صحيح أن المستوى العلمي لشريك الحياة مهم، لكن الأهم منه أن يكون قادرا على التفاهم مع زوجته، يحتويها ويقدر مشاعرها، ويدرك أحاسيسها، ويسعى لإسعادها قائما بالقوامة كما ينبغي، وعنده القدرة على إدارة شؤون البيت، والقيام بالنفقة التي أوجبها الله عليه بقوله: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ).

من الشروط المهمة لشريك الحياة أن يكون صاحب دين وخلق، كما أرشد لذلك نبينا -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فالدين والخلق صفتان متلازمتان لا تنفكان أبدا، وهما صماما أمان للحياة الزوجية السعيدة، وصاحب الدين والخلق إن أحب زوجته أكرمها، وإن كرهها سرحها بإحسان.

من المؤشرات السلبية في هذا الشاب أنه ترك العمل بعد العقد، وكأنه راكن عليك وعلى وظيفتك كما ذكرت، وقعد في البيت يدعو الله كما يقول، وينتظر الرزق أن يأتيه وهو قاعد، دون العمل بالأسباب، ولم يدرك أن السعي مطلوب لمن أراد الرزق، فقد جعل الله لكل شيء سببا، يقول تعالى: (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، ويقول نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تعدوا خماصا وتروح بطانا)، فانظري كيف أن الطير خرجت من أعشاشها وتحركت من أجل طلب الرزق.

من المؤشرات السلبية كذلك أنه -كما ذكرت- غير طموح، مع أن الحياة تحتاج لشخص يكون طموحا، يسعى للتحسين من وضعه ووضع أسرته، يكد ويكدح ويبحث دائما عن الأفضل.

العمل ليس عيبا في أي مجال يرغب فيه أو يتقنه الإنسان، ويمكن أن يأخذ دورات تأهيلية في مجال الكهرباء، أو اللحام، أو هندسة الإلكترونيات، أو البناء، أو المساحة، وهذه دورات بعضها قصيرة قد لا تتجاوز الستة الأشهر، المهم أن يكون صاحب همة وطموح.

ذكرت في استشارتك أنك ترغبين في ترك العمل وتجنب الاختلاط، وكان هو يرغب في ذلك لكنه بعد العقد صار يقول إذا أراد الله أن تعملي فارضي، ويكرر عليك أنه ينبغي أن تكوني طائعة له، وكأنه يتدرج معك ليصل إلى أمرك بالعمل، وهذا أمر مقلق للغاية.

أرى أن تصلي صلاة الاستخارة، وتدعي بالدعاء المأثور، كما أنني أنصحك ألا تقدمي على الزفاف، وأن تمهليه مدة معلومة للبحث عن عمل، وإثبات أنه قادر على الزواج وتبعاته، وما لم يقم بذلك فعليك أن تستشيري والدك بفسخ العقد، لأنني لا أنصحك بالزواج من شخص يحمل هذه الصفات وإن كان صاحب دين، لأنه لا يكفي ليكون شريكا لحياتك.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق، وأن يختار لك ما فيه الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً