الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من علاج يخلصني من الرهاب وأعراضه نهائيا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

دكتورنا العزيز، عمري 44 عاما، متزوج ولي طفل ولله الحمد، مشكلتي أني أعاني من الرهاب الاجتماعي، وأعتقد بأنه ناتج عن التربية الخاطئة داخل العائلة، فقد وجدت التحطيم والاستنقاص والاستحقار، وهذا نزع الثقة بالنفس مني.

كنت أعاني منذ الصغر بالرجفة عندما أصب القهوة للضيوف، ولم أهتم لذلك، وبعد أن كبرت أحسست بذلك عندما أواجه أي مشكلة فيها تصادم أو رفع للأصوات، أو نقاش حاد، فتأتيني أعراض الرهاب من رعشة وتلعثم وتعرق، وتكون ظاهرة للجميع.

من داخلي أنا لا أخاف، لكن الأعراض هي التي تقتلني، لأن الناس سينظرون لي بأني مسكين أو جبان أو أني حبيب وطيب، وهي كلها تدل على أنني ضعيف، أخشى النظر بأعين الناس حتى لو كان من أمامي صغير بالسن، لقد حاولت وحاولت، وأحيانا أنجح، وأعلم أن ذلك ممكن، لكني أريد حلا جذريا للمشكلة لأقتلعها من جذورها.

أريد أفضل علاج ينتزع هذا الخوف من داخلي رغم أنه لا يحدث إلا عند المواجهة أو المشاجرة، وأحيانا حتى لو لم يكن لي دخل بالموضوع تأتيني الأعراض، على الرغم أني حين يقدمونني للصلاة بمسجد كبير يكون الأمر عادياً، وأدخل صالات الأفراح ويكون الأمر عادياً، رغم أني أجد نظرات بداخلي من الموجودين بالتقليل مني، لكني لا أبالي.

مشكلتي أريد التخلص من الخوف، أريد أفضل علاج حتى لو كان سعره غاليا، المهم أن يأتي بنتيجة تخلصني من هذه المشكلة، وأرجو شرح طريقة استخدامه.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأخ الكريم: مما لا شك فيه أن التربية القاسية عند الصغر خاصة إذا كانت من الوالدين، يُحقِّران الابن، ويقسوان عليه، ويُكثران من النقد واللوم والتجريح، وعدم تشجيعه، وعدم الإطراء والثناء عليه عندما يعمل شيئًا مفيدًا، وعقابه فقط عندما يُخطئ، يؤدي إلى عدم الثقة في النفس في الكبر، ويؤدي إلى الإحجام عن مواجهة الناس، ويؤدي إلى الرهاب الاجتماعي.

ولكن واضح أنك بفضلٍ من الله ونعمة قد اجتزتَ معظم هذه الصعاب، والحمد لله تزوجتَ، وكما ذكرتَ استطعتَ الآن أن تُواجه كثيرا من المواقف ولا تهرب منها، ولكن بصعوبة –كما ذكرت– وإحساس بالخوف. وثق –أخي العزيز- أن هذا سوف يضعف ويتلاشى مع مرور الوقت.

استمر فيما أنت عليه، ويمكنك الاستعانة بمعالج نفسي للمساعدة فيما يُعرف بالعلاج السلوكي المعرفي –كما تعرف– والاسترخاء أيضًا هو ضد الخوف، إذا كان الشخص مسترخيًا فإن ذلك يؤدي إلى الإحساس بالاطمئنان، وعليه فتعلم كيف تسترخي، الاسترخاء والإحساس بالطمأنينة تلقائيًا يحل محل الخوف ويقل الإحساس بالخوف.

أما بخصوص الأدوية فهناك أدوية كثيرة يمكن أن تُساعدك، وأفضِّل أن تستعمل دواء (زولفت) والذي يعرف علميًا باسم (سيرترالين) خمسين مليجرامًا، ابدأ بنصف حبة –أي خمسة وعشرين مليجرامًا– ليلاً لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك حبة كاملة، وسوف يبدأ في المفعول بعد أسبوعين، وتحتاج إلى شهرٍ ونصف إلى شهرين حتى تحكم بأنه ساعدك بدرجة كبيرة.

إذا كان التحسُّن واضحًا ولكنَّه غير كافٍ فيمكنك بعد مرور شهرين زيادة الجرعة إلى خمسة وسبعين مليجرامًا، وأيضًا الانتظار شهرا آخر، ويمكن أن تصل الجرعة إلى مائة مليجرام، تأخذها ليلاً بعد الأكل وقبل النوم، وبعد الشعور بالتحسُّن وزوال معظم أعراض الخوف والتوتر عليك الاستمرار في الدواء لفترة لا تقل عن ستة أشهر إلى تسعة أشهر، وعند التوقف منه من الأفضل أن تتوقف عنه بالتدريج، تسحب ربع الجرعة كل أسبوع، أي يتم التوقف عن هذا الدواء في خلال شهرٍ كامل.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً