السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لا أعلم من أين أبدأ لكم، لكن أتمنى أن تأخذوني كأحد أبنائكم، بارك الله فيكم وفي جميع المسلمين.
أنا طالب جامعي في السنة الثالثة، تخصص رياضيات تطبيقية في باريس بفرنسا، وأنا مغربي الجنسية، ولدت وكبرت وترعرعت في الدار البيضاء إلى السن (18)، حيث وبعد حصولي على شهادة الباكالوريا (شهادة الثانوية العامة) غادرت البيت العائلي صوب فرنسا؛ لاستكمال دراستي هناك في الأقسام التحضيرية، تخصص رياضيات فيزياء علوم المهندس، وصار على كل هذا (5) سنوات تقريبا.
ومن دون طبيب أستطيع أن أقول لكم: إنني أعاني من اكتئاب شديد؛ حيث إنني قد أكون أمشي -مثلا- وجالس، ثم أشعر بضيق -لا يعلمه إلا الله- في صدري، وأذرف دمعا من دون أي سبب، منذ وصولي لفرنسا تكللت جهودي في الدراسة السنة الأولى بالنجاح، لكن السنة الثانية رسبت فيها، ومن هنا بدأ اكتئابي يزداد يوما وراء يوم، وفي السنة الثالثة نجحت في المرور للسنة الثالثة في إحدى الجامعات تخصص رياضيات، لكن السنة الرابعة فشلت مرة ثانية ورسبت، وها أنا الآن في السنة الخامسة أدرس؛ لكي أحصل على الإجازة المفروض أني أحصل عليها سنة (2014).
المهم بعد سنتي الثانية وجدت نفسي لا أستطيع المراجعة بصفة منتظمة، ودائما مكتئب، وأبكي رغم أنني منذ وصولي هنا أحاول الالتزام وملازمة الصلاة في وقتها، والاستماع إلى القرآن، حتى إني حفظت ما لا يقل عن (5) أو (6) من طوال السور، ومجموعة من الآيات المؤثرة، لكن فشلت في المحافظة على التزامي؛ فأسبوع أصلي، وأسبوع لا.
أما الدراسة فلا أجد لها سبيلا، وهذا ليس لأنني في التوجيه الخطأ، لكن اكتئابي ونفسي والشيطان لا يتركونني أدرس، ولم أصبح أجد متعة في أي شيء، وكلما سمعت آية من القرآن؛ أبدأ في البكاء الشديد (منذ 2011 لا يمر يوم إلا وأستمع لقليل من القرآن والحمد لله).
أما أصدقائي في المغرب، فأغلبهم -إن لم أقل: كلهم- تغيروا، ولا أعتبرهم إلا صفحة قد مرت، والآن ليس لدي إلا صديق واحد أثق به، وهو قد درس معي ثلاث سنوات، وعرج إلى المعلوميات، أما الآخرون فلا أكترث لهم، بل أصبحت لا أثق بأحد؛ لأن كل من كانوا أحبائي يوما صاروا لا يسألون حتى عن أخباري، وهذا يزيد من همي، أما الأخطر من هذا كله فهو أني أصبحت -والعياذ بالله- قاطعا لصلة الرحم مع أخوالي وخالاتي المقيمين هنا بفرنسا رغم أن إحداهن تقيم في نفس المدينة التي أقيم بها، ومع ذلك لا أزورها إلا نادرا، ولا أسأل عنها إلا نادرا!، وأنا أعلم أن من قطع صلة الرحم قطع الله الصلة بينه وبين عبده، وهذا يزيد من حزني؛ لأنني أعلم أن هذا خطر لو مت على هذه الحالة، لكني أقسم بالله لا أستطيع.
وأخيرا، أصبحت أكذب على والداي لأبسط الأشياء، وهذا أيضا يؤذيني ويضر خاطري كثيرا، وأعلم جيدا أنه لا يزال العبد يكذب حتى يكتب عند الله كذابا، لكن -والله- لا أعلم من أين أبدأ، فكما أشرت من قبل لا زلت -ومنذ (5) سنوات- أحاول بكل ما أوتيت من قوة الالتزام، لكنني أفشل كل مرة.
ساعدوني، بارك الله فيكم، انصحوني بما أوتيتم من علم، فأنا إنسان لا أسأل إلا الهدى من الله والتوفيق والسداد، وزوال هذا الهم والاكتئاب الشديد الذي قتم علي الحياة، وضيّق علي عيشتي، فلا أريد السقوط إلى الهاوية، أشعر بوحدة عارمة، ساعدوني، بارك الله فيكم، وجعل الله مثواكم الجنة.
أستسمح على الإطالة.