الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في توتر وخوف مع اقتراب موعد الولادة

السؤال

السلام عليكم.

قرأت الكثير عن موقعكم، وعن المشاكل التي تجدون حلولا لها، جزاكم الله خيرا، وأتمنى أن أجد الحل لمشكلتي أنا أيضا.

أنا حامل وعمري 26 عاما، وبقي أسبوعان على الولادة، هو حملي الأول، و كنت سعيدة فيه جدا، في الشهر السادس -تقريبا- في ليلة لم أستطع النوم فيها، لا أدري لماذا؟ كنت أفكر فيها ببعض المشاكل القديمة، كانت تزعجني كثيرا، وبقيت مستيقظة، فأصابتني حالة غريبة ومفاجئة من الخوف، والتوتر، والاضطراب، ولم أعد أطيق البيت، ومن بعدها أصبت بحالة من الخوف من النوم، واستمرت حالتي ولا أعرف ما هي الأسباب؟ وكان النوم يسبب لي الاختناق إلى الآن.

بحثت كثيرا وقرأت الكثير في موقعكم عن حالات مشابهة تقريبا، عانيت كثيرا من هذا الموضوع، أن أبقى تحت توتر وضغط شديد ليل نهار، ولا أفكر إلا بهذا الموضوع.

شغلت زوجي والجميع معي لحد الإزعاج، أقضي يومي بتوتر وخوف، وأيضا بقراءة القرآن والأدعية والصلاة، أتمنى أن أعود لطبيعتي وتستقر حياتي مثل باقي الناس، أصبحت أشعر أن حالتي تزداد سوءا، وكل شيء يشعرني بعدم الراحة، من الصباح إلى الليل في حالة توتر، وأشعر أحيانا أني مخنوقة من الضغط الذي علي، وعندما أنام يكون نومي مليئا بالرعب، أغفو قليلا ثم أستيقظ برعب، لا أدري كيف أكون متعبة وأقاوم النوم وكأنه شيء مخيف، لا أدري كيف أصف الحالة؟ ولماذا أصابتني؟ والمشكلة أني كلما قرأت مشكلة في موقعكم أقول في نفسي ربما هذه نفس حالتي.

أحيانا أقول قلق نفسي، أو اكتئاب، أو رهاب وخوف، وأحيانا أقول إنها وسواس، أنا ضائعة ولا أدري ما هي مشكلتي بالضبط؟ ويمكن ألا تكون هناك مشكلة، ولكن مجرد التفكير بالموضوع يجعلها تتضخم وتزداد العقد لدي، والمشكلة أني كثيرا ما أدعو الله أن يهديني لأكون بأحسن حال عند ولادة طفلي، وأكون متوازنة في تصرفاتي، ولكن حتى موضوع الولادة أصبح يخوفني جدا، من ألا أستطيع الاعتناء به وأنا بحالة غريبة من الاضطراب.

والمشكلة الجديدة أنه حتى عندما أدعو الله أن يهديني ويخلصني من هذه الحالة يوجد شيء بداخلي يمنعني من الدعاء، وكأنه يقول لي ابقي كما أنت، وهذا الشيء يعذبني كثيرا، لماذا هذا التناقض في تفكيري؟ وكيف سيستجيب الله لي إذا لم يكن دعائي صادقا من القلب؟ أصبحت لا أطيق نفسي والأفكار السلبية تطاردني طول الوقت، مع أني أقرأ سورة البقرة كل يوم، أريد أن أعرف ما هي حالتي وكيف أتخلص منها؟ وأخرج كل الوساوس من رأسي وأرجع إلى طبيعتي وأحسن من أول.

البعض يقول لي: إنه في فترة الحمل فقط وستذهب هذه الحالة، ولكن القلق يزداد كل يوم والأفكار تطاردني، ولا أدري كيف أشغل نفسي عنها؟ أنا في دوامة غريبة، الرجاء إعطائي النصيحة والأمل لتتحسن حالتي المفاجئة والغريبة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هديل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذا الظرف النفسي الذي يمر بك أؤكد لك أنه ليس مرضًا نفسيًّا حقيقيًّا، هو أحد الظواهر النفسية التي قد تحدث لبعض النساء في أواخر الحمل، أو قبل ذلك، وحالتك هي ما نسميه بقلق المخاوف ذي الطابع الوسواسي، ليس اكتئابًا نفسيًا حقيقيًا، أرجو ألا تتهمي نفسك بالاكتئاب أبدًا، هي مجرد مخاوف وقلق وبعض الأفكار الو سواسية، والفكر الوسواسي يعالج من خلال التحقير والاستخفاف به.

أنت مطالبة بأن تنقلي أفكارك ومزاجك ومشاعرك نحو الولادة، وسلي الله أن يرزقك طفلاً صالحًا طيبًا، وأن يسهّل لك أمر الوضع، كل توجهك الوجداني يجب أن يكون حول هذا الأمر، وأنا متأكد الآن أن زوجك متأهب لاستقبال المولود، وكذلك أهلك، فيجب أن تتوجهي هذا التوجه المعرفي الفكري الإيجابي، لا تشغلي نفسك بهذه الوساوس، حاولي أن تقاوميها، أن تحقريها، ولا تناقشيها أبدًا، مناقشة الفكر الوسواسي ومتابعته والإسراف فيه يزيد منه، لأن الوساوس حينما نحللها ونشرحها تؤدي إلى المزيد من الوسوسة.

أنت بخير وسوف تظلين -إن شاء الله تعالى- على خير، احرصي على صلاتك كما أنت عليه الآن، الدعاء، القرآن، الترفيه عن نفسك بما هو طيب وإيجابي، وتأكدي أيتها الفاضلة الكريمة: أنه بعد رعاية -الله تعالى- الرعاية الطبيَّة متوفرة، وسوف تُقدَّم لك خدمات طيبة ممتازة، حتى وإن كانت هنالك حاجة للطبيب النفسي بعد الولادة، أو قبل الولادة سوف يتم استدعاؤه، فلا تقلقي، ولا تتوتري، هو قلق وخوف وسواس مؤقت وعابر جدًّا -إن شاء الله تعالى- .

ابعثي في نفسك طمأنينة، وهذا ممكن، الإنسان يستطيع أن يغيِّر ما في نفسه من خلال الفكر الإيجابي، فكم من الناس حُرموا من الذريَّة، وأنت -الحمد لله تعالى- الآن مُقدمة على الوضع، وكم من الناس حُرموا من الزواج؟ وكم من الناس يعيشون حياة فيها الكثير من الصعوبات ونجد بعضهم – الحمد لله – في غاية الصبر وقبول الابتلاء، أنت -الحمد لله- في نعمة، فاقبلي هذه النعمة وقومي بشكرها ليزيدك (الله تعالى): {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم}.

أيتها الفاضلة الكريمة: ذلك سوف يساعدك كثيرًا على التخلص من الفكر السلبي الوسواسي، وفكر المخاوف ألقلقي، لتكوني -إن شاء الله تعالى- في طمأنينة واسترخاء وسعادة.

جزاك الله خيرًا، وبارك الله فيك، وأسأل -الله تعالى- أن يسهل لك أمر الوضع، وأن يرزقك ذرية طيبة تكون قُرَّة عينٍ لكم، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً