السؤال
السلام عليكم إخوتي وأخواتي في الله.
أتمنى أن تتسع لي صدوركم لإرشادي في مسألة تتعلق بإحدى أخواتي في الله، حيث تقول إنها في مرحلة المراهقة كانت تسرق من والديها المال لشراء الكماليات والروايات المحرمة، واستمرت كذلك حتى تخرجت مهندسة مدنية، وبدأت في العمل في اختصاصها، منذ ذلك حين توقفت عن السرقة وانتقلت إلى مدينة تبعد عن أهلها 500 كيلومتر، اعتمدت على نفسها ماليًا.
كانت تواجه بعض الصعوبات في عملها، ولكن ذلك حال كل الناس في هذه الدنيا، ولكن سبحان الله قد شاء الله تعالى أن تهتم هذه الأخت أكثر بشؤون دينها، وتسعى إلى مرضاته قدر ما تستطيع، ومن خلال بحثها انتهت إلى بعض الآراء التي ترى بعدم جواز عمل المرأة مهندسة مدنية، بسبب أن العمل يتماشى أكثر مع طبيعة الرجل، وبسبب الاختلاط.
اقتنعت الأخت بهذا الرأي، ولكن حتى لا تعود إلى منزل أهلها صفر اليدين قررت مواصلة عملها مدة عامين كي تصرف من أجرها ما يمكنها من تعلم مهنة الخياطة التي ستكون لها مورد رزق في حال امتنع أهلها عن الإنفاق عليها بسبب قرارها ترك العمل، أو أنها احتاجت أكثر مما يمكنهم إعطاؤها.
وفعلت ذلك، ولكنها في نفس الوقت تعاني عذابًا داخليًا؛ لأنها لا تطبق ما تعلم أنه الحق، ولأنها تعتقد في نفسها ضعف العقيدة لعدم توكلها على الله والاستقالة من العمل بمجرد معرفتها بحكمه.
تقول الأخت أنها تزداد كل يوم يقينًا بضرورة الاستقالة من خلال ما يحصل لها في العمل من مشاكل، ومن خلال ما تسمع وتقرأ من ذلك أن الله هو الرزاق والمعطي، وهو الغني، وأنه من ترك أمرًا لوجه الله أغناه الله من فضله.
وأخيرًا قررت الاستقالة وأخبرت عائلتها بذلك، ولم تجد منهم تفهمًا لموقفها، بل يبدو أنهم لم يأخذوا ذلك على محمل الجد، وظنوها ستتراجع عن ذلك، أنا في حيرة من أمري إذا نصحت الأخت بالاستقالة فورًا قد يكون ذلك تواكلًا لا توكلًا فهي لم توفق إلى الادخار من عملها شيئًا من النقود، وليس لها مهنة أخرى تصرف منها حتى تدرس العلوم الشرعية، وتحفظ القرآن الكريم، وتشتري من الكتب التي تحتوي على ما لا يسع المسلم جهله من أمور الدين.
إن استقالت بدون موافقة أهلها فلن يصرفوا عليها إلا المأكل والمشرب وقد لا يأتي أحد من محارمها ليصحبها في سفر العودة إلى البيت، أنا نصحتها بالانتظار حتى تنهي دراسة الخياطة، أخاف أن تقع في أحد شراك الشيطان، وهو طول الأمل، فالله تعالى وحده أعلم بأجل الانسان كما أني أخشى أن يكون قرارها متأثرًا بمشاكلها في العمل، وليس نتيجة رغبة حقيقية في طاعة الله سبحانه وتعالى، فرجاءً أعينوني على نصيحة هذه الأخت بارك الله فيكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.