الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من حالة عد وحسب الأشياء... فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا منذ سنين ابتدأت عندي مشكلة، أصبحت أحسب، أي أعد الأشياء بطريقة متكررة، وأحياناً لا إرادياً!

أجد نفسي أحسب الأشياء ولا أستطيع منع نفسي من ذلك مهما حاولت أن أشغل بالي أينما أنظر أحاول أن أجد شيئاً أحسبه كأعمدة الكهرباء والأشجار أو حصى الشارع وأنا أمشي أو السيارات المارة أو الأبواب أو الزخرفة والنقوشات التي على الأثاث، وإن لم يكن هناك شيء أقوم بحساب أيدي وأعين وأرجل الذين يجلسون أمامي أو أصابع يدي!

المهم أن أحسب شيئاً في كل وقت، علماً أني عندما تخرجت من الكلية لم أكن أعاني من هذه الحالة، وعندما أحسب الأشياء أنسى مباشرة كم كان العدد؟! وإن كان هذا مرضاً فما هو اسمه؟ وكيفية علاجه؟

أفيدوني أفادكم الله وجزاكم عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أيتها الفاضلة الكريمة، هذه حالة نفسية معروفة لدينا في الطب النفسي، ونسميه الوساوس القهرية، وساوس العدد دائماً يكون فيها رتابة وتكرار، ويحس الإنسان بالقلق حين لا يمارسها، وأعتقد أن هذا هو الذي تحسين به وينطبق عليك تماماً.

الوساوس عموماً تعتبر من الأمراض العصابية، بمعنى أنها ليست أمراضاً عقلية أو ذهانية، وهي مرتبطة بالقلق النفسي، وأسبابها غير معروفة، لكن العلوم تتحدث عن الورثة، عن تجارب حدثت في الطفولة، وعلماء التحليل النفسي لديهم آراء كثيرة جداً.

المهم في الأمر هو أن الوسواس القهري لا يعتبر مرضاً خطيراً، لكنه مزعج لصاحبه -والحمد لله تعالى- الآن أصبحت هنالك وسائل جيدة جداً للعلاج، وممتازة جداً، ففي السنوات الأخيرة تم اكتشاف أدوية فعالة جداً وقوية جداً في علاج الوساوس القهرية، وقد يستغرب الإنسان كيف تفيد الوساوس القهرية في مثل حالتك.

ما علاقة الوساوس بعملية العد والتكرار التي تقومين بها، الإجابة بسيطة جداً وهي أنه اتضح أن بعض المواد الكيميائية في داخل الدماغ وتسمى بالناقلات العصبية ومنها مادة مهمة جداً تعرف باسم السيرتونين يحدث فيها نوع من اضطراب الإفراز، وهذا الاضطراب قد يكون فيه شكل ضعف في الإفراز أو عدم انتظام أو عدم توازن ما بين السيرتونين ومواد كيميائية أخرى في داخل الدماغ.

لذا وجدوا أن الأدوية مفيدة جداً لتنظيم هذه الناقلات العصبية، ووضعها في مسارات صحيحة، وهذا يساعد على علاج الوسواس القهري.

لاشك أن الأدوية وحدها لا تكفي إنما يجب أن تدعم بما نسميه بالعلاج السلوكي، والعلاج السلوكي له عدة أنواع، هنالك بعض الطرق العلاجية السلوكية الفنية يمكن للإنسان أن يطبقها وحده؛ ولذا لا بد أن يسترشد بمختص نفسي وهذا هو الأفضل.

أما بعض التمارين السلوكية الأخرى يمكن للإنسان أن يطبقها وحدها مع ضرورة توفر الإرادة والإصرار في مقاومة الوساوس القهرية، ومن هذه التمارين.

أولاً: أن تقومي بكتابة كل وساوسك وتبدئي بأخفها وطأة، ثم تبدئي بأشدها على نفسك، وبعد ذلك تدارسي كل وسواس من حيث مكونه ومن حيث شدته، وتقولين لنفسك لماذا أهتم بهذا الأمر؟ بمعنى تحقير فكر الوسواس تحقيره تحقير شديداً.

حتمي على نفسك عدم القيام بهذا الفعل، هذا مهم جداً وهذه التمارين بالطبع تتطلب الممارسة، وتتطلب التكرار وهذه التمارين تشتمل أيضاً على ما نسميه تعريضاً مع منع الاستجابة، أن تعرضي نفسك بالقصد على هذا الوسواس، ولكن في نفس الوقت لا تقومي بالاستجابة له.

يمكنك أيضا أن تربطي هذه الوساوس بتفاعلات أو استشعارات نفسية أخرى، وجد أن ربط الوسواس بالألم الجسدي يفيد بعض الناس في حالتك حين تأتيك فكرة العد هذه تقومين باستجلاب الفكرة اضربي في نفس الوقت على يديك بقوة وشدة على جسم صلب، كالطاولة مثلاً والهدف هو أن يتم الربط ما بين الوسواس وما بين الإحساس الجديد، وهو الألم وهذا بالتكرار يؤدي إلى نوع من التنافر ما بين الاثنين، وهذا نسميه بفكر الارتباط الشرطي، وهذا يؤدي إلى ضعف الوساوس وهكذا.

أيتها الفاضلة الكريمة – الوضع المثلي هو أن تقابلي طبيباً نفسياً كما ذكرت لك، وهذه الحالات علاجها سهل جداً، وإذا لم تتمكني من مقابلة الطبيب طبقي ما ذكرته من تمارين، لكن من الضروري جداً أن تتحصلي على أحد الأدوية المضادة للوساوس، وهي كثيرة -والحمد لله تعالى- ومعظمها سليمة جداً، من أفضلها دواء يعرف باسم بروزاك Prozac والاسم العلمي هو فلوكستينFluoxetine الجرعة هي كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي عشرون مليجرام يتم تناولها بعد الأكل، وبعد أسبوعين ترفع الجرعة إلى كسبولتين في اليوم، وهذه هي الجرعة العلاجية أي (40) مليجراماً يومياً.

بالنسبة لهذه الجرعة فإنها تعتبر جرعة وسطية وليست كبيرة، لأن الجرعة القسوة هي أربع كبسولات في اليوم لكن أنت لست بحاجة إلى هذه الجرعة، استمري على الكبسولتين يومياً لمدة أربعة أشهر ثم بعد ذلك خفضيها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهرين ثم توقفي عن تناول الدواء.

كما تلاحظين أن أقل مدة لنجاح علاج الوساوس هي سنة كاملة، وهذه ليست بمدة طويلة أبداً خاصة أن هذه الأدوية أدوية سليمة وليس إدمانية، ولا تؤثر على الهرمونات النسوية.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر نرمين عزت

    واناكمان عندي نفس المشكلة دي ويمكن اكثر بكتير بعد اي حاجة تيجي قدامي حتي لو تافة ممكن اعد رسومات الحد السقف السجادة بس بجد انا استفد من التمارن دي وبشكركم جداااااااااا

  • الجزائر محمد

    بارك الله فيكم و ارجوا ان اتخلص من هذه المشكلة لانها اتعبتني . في حالة وجود طرق جديدة يرجى افادتنا و شكرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً