الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت شابا وأريده زوجا فكيف أقنع إخواني به؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة من أسرة كبيرة، لي عدة إخوة وأخوات من أب، وأختان شقيقتان.

إخواني وأخواتي من أبي يتعاملون بالمظاهر، ويتفاخرون بما أعطاهم الله من نعم، ولكننا أنا وأختاي وأمي أسرة نعيش في حدود ما نملك, علما أن أبي توفي منذ 12 عاما، وتركنا أنا وأختي صغيرات، كان إخواني يصرفون علينا لكي نكمل تعليمنا، وعندما تخرجت من الجامعة تركوا لي المسؤولية، ولكن ما زالوا يتسلطون على حياتنا، لا نستطيع أن نفعل أي شيء دون تدخلهم، نحن نحمل جميلهم على رؤوسنا، ونتمنى من الله أن يرزقنا رد الجميل.

قصتي هي أن أهلي لا يقبلون بأي زوج يكون قليل الدخل, أو ليست لديه شهادات متقدمة، أو لا يملك وظيفة عالية، ويرفضون أي زوج يتقدم لنا، بحجة أنهم يريدون أن نعيش حياة سعيدة مترفة مثل حياتهم، ولكننا لم نعش حياتهم, بل نحن -كما قلت- أسرة متواضعة.

تزوجت أختاي، الكبرى من قريب لنا مع رفضهم؛ لأن مستواه المعيشي يسير، كما يقولون، والثانية برجل أعمال, كما يريدون هم، ولكن حظي قليل، كل من يتقدم لي تكون ظروفه عادية, أو دخله قليلا, أو وظيفته صغيرة، وهم يرفضونه!

تم رفض أكثر من شاب، والآن تعرفت على شاب منذ سنة، وشعرت معه أنه من أريد، ظروفه سيئة، ولا يمتلك شهادات، ودخله من عمله قليل، ولكني أشعر أنه هو الذي يمكنني أن أعتمد عليه في حياتي، وأشعر بأني أحبه، ولا أستطيع التخلي عنه.

علما أنني صرت أحمل مسؤولية أمي والبيت منذ خمس سنوات، ولا أحتاج لشخص يساعدني، وسني يكبر، وأنا متأكدة أن إخواني سيرفضونه، ولكني أريده.

فكرت كثيراً أن أتزوجه عن طريق المحكمة، ولكني لا أريد أن أضع سمعة أبي وأمي على ألسنة الناس, علما أني من أسرة معروفة، وأنا متدينة، وإذا تقدم لي ورفضوه وتزوجته قاطعني إخواني! ماذا أفعل؟ أنا في كامل إصراري بأن هذا من أريد أن أتزوج، وأشعر أن لا أحد يستطيع أن يفرقني عنه، سوى إرادة ربي.

أرجوكم أفيدوني، وأشكركم كثيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب, نسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك, وتسكن إليه نفسك.

نحن نشكر لك -أيتها البنت العزيزة- إنصافك لإخوانك، واعترافك لهم بالفضل والإحسان، وهذا يدل على رجاحة في عقلك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا.

ما دام إخوانك بهذا الوصف الذي وصفت من إنفاقهم عليك حتى أكملت تعليمك، وحرصهم على أن تتزوجي بمن تسعدين معه؛ فإن هذا كله ينبئ عن حبهم لك, وحرصهم على مصلحتك، وهم -بلا شك- لكونهم أكبر منك، ولكونهم يخالطون الناس ويعرفونهم، لهذا كله سيكونون أكثر منك تجربة وخبرة بالناس.

لذا نصيحتنا لك: أن لا تغفلي رأيهم، وتتركي مشورتهم، بل ينبغي لك أن تأخذي رأيهم مأخذ الاعتبار، وتوليه العناية والاهتمام، ونصيحتنا لك: أن لا تتصلبي لرأيك، إذا أشار عليك إخوانك ومن حولك من أقاربك بأن لا تتزوجي بهذا الشاب، ولكن إذا كان رفضهم غير مبرر بل لمجرد أنه ليس ثريًا فإن هذا لا يكفي للرفض إذا كان الرجل صاحب خلق ودين؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) لأنه بهذين الوصفين تقوم السعادة الزوجية، فالدين يمنع الزوج من ظلم زوجته، وحسن الخلق يدعوه إلى حسن المعاشرة، والغنى والفقر أشياء عارضة توجد ثم تزول.

نصيحتنا لك: أنه إن كان الزواج وظروف الزواج بالنسبة لك كثيرة ومتوفرة، فنصيحتنا لك أن لا تخالفي أهلك وإخوانك فتتزوجي بغير موافقة منهم، فإن هذا النوع من الزواج كثيرًا ما ينتهي بمشكلات تبقى المرأة فيها وحيدة؛ لأن أهلها تخلوا عنها، وزوجها ربما استغل هذه الظروف في بعض الأحيان فعاملها بنوع من القسوة, أو إهدار حقوقها، وقد ينتهي هذا النوع من الزواج بالفراق.

نصيحتنا لك أن لا تتزوجي مع رفض أسرتك من تقدم لك، لكن إذا رأيت بأن فرص الزواج بالنسبة لك تقل, وأن هذا الشخص هو الشخص المناسب في دينه وخلقه وأنه كفؤ لك – أي مساوٍ لك – في نسبك, ونحو ذلك، فإن من حقك أن ترفعي أمرك إلى القاضي الشرعي ليزوجك إذا رفض إخوانك تزويجك، وإذا كانوا يمنعونك من الزواج بمن هو مناسب فإن رفعك للأمر إلى القاضي الشرعي ليس فيه غضاضة من حقهم, ولا إنقاص من قدرهم، ولكننا نؤكد ثانية أن هذا ليس هو السبيل الأمثل لبناء حياة زوجية تسعدين فيها, وتشعرين بالتواصل والترابط مع أسرتك.

نصيحتنا لك -أيتها الكريمة- أن تلجئي إلى إقناع إخوانك، وذلك باستخدام كل المؤثرات عليهم, والاستعانة بمن له كلمة مسموعة عندهم، كأعمامك -إن كان لك أعمام-، وأخوالك, ووالدتك, ونحو ذلك، لعل الله عز وجل أن يقذف في قلوبهم الميل إليه إذا رأوه مناسبًا لك.

خير ما نوصيك به استخارة الله تعالى, واللجوء إليه بصدق واضطرار، وأن تسأليه أن يقدر لك الخير حيث كان, ويرضيك به.

لا ننسى أن نوصيك بتقوى الله تعالى، وقطع التواصل مع هذا الشاب؛ لأنه أجنبي عنك، فيجب عليك أن تتعاملي معه كغيره من الأجانب، فلا يجوز لك أن تضعي الحجاب أمامه، ولا أن تختلي به، ولا أن تكلميه بكلام فيه خضوع ولين، كما هي إرشادات الله تعالى لنا في كتابه، وإرشادات رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان, ويرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً