باب القول في أنه يجب اتباع ما سنه أئمة السلف من الإجماع والخلاف ، وأنه لا يجوز الخروج عنه
لم يجز للتابعين أن يتفقوا على أحد القولين ، فإن فعلوا ذلك لم يزل خلاف الصحابة ، والدليل عليه أن الصحابة أجمعت على جواز الأخذ بكل واحد من القولين ، وعلى بطلان ما عدا ذلك ، فإذا صار التابعون إلى القول بتحريم أحدهما ، لم يجز ذلك ، وكان خرقا للإجماع ، وهذا بمثابة ما لو اختلفت الصحابة في مسألة على قولين ، وانقرض العصر عليه ، فإنه لا يجوز للتابعين إحداث قول ثالث ؛ لأن اختلافهم على قولين إجماع على إبطال كل قول سواهما ، كما أن إجماعهم على قول إجماع على إبطال كل قول سواه ، فكما لم يجز إحداث قول ثان فيما أجمعوا فيه على قول ، لم يجز إحداث قول ثالث فيما أجمعوا فيه على قولين . إذا اختلف الصحابة في مسألة على قولين ، وانقرض العصر عليه ،