أمر التهدد والوعيد :
ووجه آخر : من ذلك قوله : ( لفظه لفظ الأمر ، والمراد به التهدد ، والوعيد ، قل الله أعبد مخلصا له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه ) .
وقوله : ( قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون ) .
وقوله لإبليس : ( واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ) .
وقوله : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) كل هذا على الوعيد ، والتغليظ تحذيرا ، وتهديدا ، لا على أمر التعبد ، ولا على الإباحة .
ومنه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : المغيرة بن شعبة ، . " من باع الخمر فليشقص الخنازير "
608 - حدثنا أنا إسحاق ، ثنا وكيع ، طعمة الجعفري ، عن [ ص: 565 ] عمر بن بيان التغلبي ، عن عروة بن المغيرة ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من باع الخمر فليشقص الخنازير " .
قال يقصبها . وكيع :
* قال قوله : فليشقص الخنازير ظاهره أمر ، وباطنه نهي ، فكذلك قوله : ( أبو عبد الله : قولوا أسلمنا ) ليس هو أمر تعبد لهم بأن يقولوا أسلمنا لغير الله ، ولو قالوه ما كانوا مطيعين ، وكانوا كالذين قال : ( ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين ) ، فقعدوا ، ولم يكونوا مطيعين بالقعود ، لأن قعودهم لم يكن لله ، وكذلك أولئك لم يكن إسلامه لله ، ولو كانوا أسلموا [ ص: 566 ] لله مخلصين له دينهم ، ثم قالوا : أسلمنا ، لكانوا مطيعين لله ، مؤمنين به ، لأن الإيمان بالله والإسلام لله لا يفترقان .