الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  15177 أخبرنا عبد الرزاق قال : أنا معمر ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن أبيه قال : كان معاذ بن جبل رجلا سمحا شابا جميلا من أفضل شباب قومه ، وكان لا يمسك شيئا فلم يزل يدان حتى أغلق ماله كله من الدين ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب إليه أن يسأل غرماءه أن يضعوا له ، فأبوا ، فلو تركوا لأحد من أجل أحد ، تركوا لمعاذ بن جبل من أجل النبي صلى الله عليه وسلم ، " فباع النبي صلى الله عليه وسلم كل ماله في دينه ، حتى قام معاذ بغير شيء ، حتى إذا كان عام فتح مكة بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على طائفة من اليمن أميرا ليجبره " ، فمكث معاذ باليمن ، وكان أول من اتجر في مال الله هو ، ومكث حتى أصاب ، وحتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما قبض قال عمر لأبي بكر : أرسل إلى هذا الرجل ، فدع له ما يعيشه ، وخذ سائره منه ، [ ص: 269 ] فقال أبو بكر : إنما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ليجبره ، ولست بآخذ منه شيئا إلا أن يعطيني ، فانطلق عمر إلى معاذ إذ لم يطعه أبو بكر ، فذكر ذلك عمر لمعاذ ، فقال معاذ : إنما أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجبرني ، ولست بفاعل ، ثم لقي معاذ عمر فقال : قد أطعتك ، وأنا فاعل ما أمرتني به ، إني أريت في المنام أني في حومة ماء ، قد خشيت الغرق ، فخلصتني منه يا عمر ، فأتى معاذ أبا بكر فذكر ذلك له ، وحلف له أنه لم يكتمه شيئا حتى بين له سوطه ، فقال أبو بكر : لا والله لا آخذه منك ، قد وهبته لك قال عمر : هذا حين طاب وحل قال : فخرج معاذ عند ذلك إلى الشام قال معمر : فأخبرني رجل من قريش قال : سمعت الزهري يقول : لما باع النبي صلى الله عليه وسلم مال معاذ أوقفه للناس ، فقال : " من باع هذا شيئا فهو باطل " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية