الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        2079 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال قال يحيى بن سعيد سمعت بشيرا قال سمعت سهل بن أبي حثمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر بالتمر ورخص في العرية أن تباع بخرصها يأكلها أهلها رطبا وقال سفيان مرة أخرى إلا أنه رخص في العرية يبيعها أهلها بخرصها يأكلونها رطبا قال هو سواء قال سفيان فقلت ليحيى وأنا غلام إن أهل مكة يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا فقال وما يدري أهل مكة قلت إنهم يروونه عن جابر فسكت قال سفيان إنما أردت أن جابرا من أهل المدينة قيل لسفيان وليس فيه نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه قال لا

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سفيان ) هو ابن عيينة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال يحيى بن سعيد ) هو الأنصاري ، وسيأتي في آخر الباب ما يدل على أن سفيان صرح بتحديث يحيى بن سعيد له به وهو السر في إيراد الحكاية المذكورة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سمعت بشيرا ) بالموحدة والمعجمة مصغرا ، وهو ابن يسار بالتحتانية ثم المهملة مخففا الأنصاري .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سمعت سهل بن أبي حثمة ) زاد الوليد بن كثير عند مسلم عن بشير بن يسار أن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة حدثاه ، ولمسلم من طريق سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم سهل بن أبي حثمة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أن تباع بخرصها ) هو بفتح الخاء المعجمة وأشار ابن التين إلى جواز كسرها ، وجزم ابن العربي بالكسر وأنكر الفتح ، وجوزهما النووي وقال : الفتح أشهر ، قال : ومعناه تقدير ما فيها : إذا صار تمرا ، فمن فتح قال هو اسم الفعل ، ومن كسر قال : هو اسم للشيء المخروص اهـ . والخرص هو التخمين والحدس ، وسيأتي الكلام عليه في الباب الذي يليه في تفسير العرايا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال سفيان مرة أخرى . . . إلخ ) هو كلام علي بن عبد الله ، والغرض أن ابن عيينة حدثهم به مرتين على لفظين والمعنى واحد ، وإليه الإشارة بقوله : " هو سواء " أي : المعنى واحد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال سفيان ) أي : بالإسناد المذكور ( فقلت ليحيى ) أي : ابن سعيد لما حدثه به .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأنا غلام ) جملة حالية ، والغرض الإشارة إلى قدم طلبه وتقدم فطنته وأنه كان في سن الصبا يناظر شيوخه ويباحثهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( رخص لهم في بيع العرايا ) محل الخلاف بين رواية يحيى بن سعيد ورواية أهل مكة أن يحيى بن سعيد قيد الرخصة في بيع العرايا بالخرص وأن يأكلها أهلها رطبا . وأما ابن عيينة في روايته عن أهل مكة فأطلق الرخصة في بيع العرايا ولم يقيدها بشيء مما ذكر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قلت : إنهم يروونه عن جابر ) في رواية أحمد في مسنده عن سفيان " قلت أخبرهم عطاء أنه سمع من جابر " . قلت : ورواية ابن عيينة كذلك عن ابن جريج عن عطاء عن جابر تقدمت الإشارة إليها وأنها تأتي في كتاب الشرب ، وهي على الإطلاق كما في روايته التي في أول الباب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال سفيان ) أي : بالإسناد المذكور ( إنما أردت ) أي : الحامل لي على قولي ليحيى بن سعيد : " إنهم يروونه عن جابر " ( أن جابرا من أهل المدينة ) فيرجع الحديث إلى أهل المدينة ، وكان ليحيى بن سعيد أن يقول له : وأهل المدينة رووا أيضا فيه التقييد فيحمل المطلق على المقيد حتى يقوم الدليل على [ ص: 456 ] العمل بالإطلاق ، والتقييد بالخرص زيادة حافظ فتعين المصير إليها . وأما التقييد بالأكل كالذي يظهر أنه لبيان الواقع لا أنه قيد ، وسيأتي عن أبي عبيد أنه شرطه ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قيل : لسفيان ) لم أقف على تسمية القائل .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أليس فيه ) أي : في الحديث المذكور ( نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه؟ قال : لا ) أي : ليس هو في حديث سهل بن أبي حثمة ، وإن كان هو صحيحا من رواية غيره ، وسيأتي بعد باب . وقد حدث به عبد الجبار بن العلاء عن سفيان في حديث الباب بهذا اللفظ الذي نفاه سفيان ، وحكى الإسماعيلي عن ابن صاعد أنه أشار إلى أنه وهم فيه . قلت : قد أخرجه النسائي عن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الزهري عن سفيان كذلك ، فظهر أن عبد الجبار لم ينفرد بذلك .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية