الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        493 حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثني ابن أخي ابن شهاب أنه سأل عمه عن الصلاة يقطعها شيء فقال لا يقطعها شيء أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم فيصلي من الليل وإني لمعترضة بينه وبين القبلة على فراش أهله

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا إسحاق بن إبراهيم ) هو الحنظلي المعروف بابن راهويه ، وبذلك جزم ابن السكن . وفي رواية غير أبي ذر " حدثنا إسحاق " غير منسوب ، وزعم أبو نعيم أنه ابن منصور الكوسج ، والأول أولى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أنه سأل عمه إلخ ) ووجه الدلالة من حديث عائشة الذي احتج به ابن شهاب أن حديث " يقطع الصلاة المرأة إلخ " يشمل ما إذا كانت مارة أو قائمة أو قاعدة أو مضطجعة ، فلما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى وهي مضطجعة أمامه دل ذلك على نسخ الحكم في المضطجع ، وفي الباقي بالقياس عليه .

                                                                                                                                                                                                        وهذا يتوقف على إثبات المساواة بين الأمور المذكورة ، وقد تقدم ما فيه ، فلو ثبت أن حديثها متأخر عن حديث أبي ذر لم يدل إلا على نسخ الاضطجاع فقط . وقد نازع بعضهم في الاستدلال به مع ذلك من أوجه أخرى : أحدها : أن العلة في قطع الصلاة بها ما يحصل من التشويش ، وقد قالت إن البيوت يومئذ لم يكن فيها مصابيح فانتفى المعلول بانتفاء علته .

                                                                                                                                                                                                        ثانيها : أن المرأة في حديث أبي ذر مطلقة وفي حديث عائشة مقيدة بكونها زوجته ، فقد يحمل المطلق على المقيد ، ويقال يتقيد القطع بالأجنبية لخشية الافتتان بها بخلاف الزوجة فإنها حاصلة .

                                                                                                                                                                                                        ثالثها : أن حديث عائشة واقعة حال يتطرق إليها الاحتمال ، بخلاف حديث أبي ذر فإنه مسوق مساق التشريع العام ، وقد أشار ابن بطال إلى أن ذلك كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم ; لأنه كان يقدر من ملك إربه على ما لا يقدر عليه غيره . وقال بعض الحنابلة يعارض حديث أبي ذر وما وافقه أحاديث صحيحة غير [ ص: 703 ] صريحة وصريحة غير صحيحة فلا يترك العمل بحديث أبي ذر الصريح بالمحتمل ، يعني حديث عائشة وما وافقه . والفرق بين المار وبين النائم في القبلة أن المرور حرام بخلاف الاستقرار نائما كان أم غيره ، فهكذا المرأة يقطع مرورها دون لبثها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( على فراش أهله ) كذا للأكثر . وهو متعلق بقوله فيصلي . ووقع للمستملي " عن فراش أهله " وهو متعلق بقوله " يقوم " والأول يقتضي أن تكون صلاته كانت واقعة على الفراش ، بخلاف الثاني ففيه احتمال . وقد تقدم في " باب الصلاة على الفراش " من رواية عقيل عن ابن شهاب مثل الأول .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية