الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 245 ]

                                                                                                                                                                                                                                        ( فأعرضوا ) عن الشكر . ( فأرسلنا عليهم سيل العرم ) سيل الأمر العرم أي الصعب من عرم الرجل فهو عارم ، وعرم إذا شرس خلقه وصعب ، أو المطر الشديد أو الجرذ ، أضاف إليه الـ ( سيل ) لأنه نقب عليهم سكرا ضربته لهم بلقيس فحقنت به ماء الشجر وتركت فيه ثقبا على مقدار ما يحتاجون إليه ، أو المسناة التي عقدت سكرا على أنه جمع عرمة وهي الحجارة المركومة ، وقيل اسم واد جاء السيل من قبله وكان ذلك بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام . ( وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط ) ثمر بشع فإن الخمط كل نبت أخذ طعما من مرارة ، وقيل الأراك أو كل شجر لا شوك له ، والتقدير أكل أكل خمط فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه في كونه بدلا ، أو عطف بيان . ( وأثل وشيء من سدر قليل ) معطوفان على ( أكل ) لا على ( خمط ) ، فإن الأثل هو الطرفاء ولا ثمر له ، وقرئا بالنصب عطفا على ( جنتين ) ووصف السدر بالقلة فإن جناه وهو النبق مما يطيب أكله ولذلك يغرس في البساتين ، وتسمية البدل ( جنتين ) للمشاكلة والتهكم . وقرأ أبو عمرو «ذواتي أكل » بغير تنوين اللام وقرأ الحرميان بتخفيف ( أكل ) .

                                                                                                                                                                                                                                        ( ذلك جزيناهم بما كفروا ) بكفرانهم النعمة أو بكفرهم بالرسل ، إذ روي أنه بعث إليهم ثلاثة عشر نبيا فكذبوهم ، وتقديم المفعول للتعظيم لا للتخصيص . ( وهل يجازى إلا الكفور ) وهل يجازى بمثل ما فعلنا بهم إلا البليغ في الكفران أو الكفر . وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب وحفص ( نجازي ) بالنون و ( الكفور ) بالنصب .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية