الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      وقال يحيى بن زكريا بن أبي زائدة : حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : حدثنا عبد الرحمن ابن الأصبهاني ، قال : سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبي بكر الصديق قال : " خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة ، فانتهينا إلى حي من أحياء العرب ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت متنحيا ، فقصد إليه ، فلما نزلنا لم يكن فيه إلا امرأة ، فقالت : يا عبدي الله إنما أنا امرأة وليس معي أحد ، فعليكما بعظيم الحي إن أردتم القرى . قال : فلم يجبها ، وذلك عند المساء ، فجاء ابن لها بأعنز له يسوقها ، فقالت له : يا بني انطلق بهذه العنز والشفرة إليهما فقل : اذبحا هذه وكلا وأطعمانا ، فلما جاء قال له النبي صلى الله عليه وسلم : " انطلق بالشفرة وجئني بالقدح " . قال : إنها قد عزبت وليس لها لبن . قال : انطلق ، فانطلق فجاء بقدح ، فمسح النبي صلى الله عليه وسلم ضرعها ، ثم حلب حتى ملأ القدح ، ثم قال : انطلق به إلى أمك ، فشربت حتى رويت ، ثم جاء به فقال : انطلق بهذه وجئني بأخرى ، ففعل بها كذلك ، ثم سقى أبا بكر ، ثم جاء بأخرى ، [ ص: 275 ] ففعل بها كذلك ، ثم شرب صلى الله عليه وسلم ، قال : فبتنا ليلتنا ثم انطلقنا ، فكانت تسميه " المبارك " ، وكثر غنمها حتى جلبت جلبا إلى المدينة ، فمر أبو بكر فرآه ابنها فعرفه فقال : يا أمه إن هذا الرجل الذي كان مع المبارك . فقامت إليه فقالت : يا عبد الله من الرجل الذي كان معك ؟ قال : وما تدرين من هو ؟! قالت : لا ، قال : هو النبي صلى الله عليه وسلم . قالت : فأدخلني عليه ، فأطعمها وأعطاها .

                                                                                      رواه محمد بن عمران بن أبي ليلى ، وأسد بن موسى ، عن يحيى ، وإسناده نظيف لكن منقطع بين أبي بكر ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى .

                                                                                      أوس بن عبد الله بن بريدة : أخبرنا الحسين بن واقد ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتفاءل ، وكانت قريش قد جعلت مائة من الإبل لمن يرده عليهم ، فركب بريدة في سبعين من بني سهم ، فلقي نبي الله ليلا فقال له : من أنت ؟ قال : بريدة . فالتفت إلى أبي بكر فقال : برد أمرنا وصلح ، ثم قال : وممن ؟ قال : من أسلم . قال لأبي بكر : سلمنا ، ثم قال : ممن ؟ قال : من بني سهم . قال : خرج سهمك . فأسلم بريدة والذين معه جميعا ، فلما أصبحوا قال بريدة للنبي صلى الله عليه وسلم : لا تدخل المدينة إلا ومعك لواء ، فحل عمامته ثم شدها في رمح ، ثم مشى بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وقال : يا نبي الله تنزل علي . قال : إن ناقتي مأمورة . فسار حتى وقفت على باب أبي أيوب فبركت . قلت : أوس متروك .

                                                                                      وقال الحافظ أبو الوليد الطيالسي : حدثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط ، قال : حدثنا أبي ، عن قيس بن النعمان ، قال : لما انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر مستخفيين مروا بعبد يرعى غنما فاستسقياه اللبن ، فقال : ما عندي شاة تحلب ، غير أن هاهنا عناقا حملت أول الشتاء ، وقد أخدجت وما بقي لها لبن . فقال : ادع بها ، فدعا بها ، فاعتقلها النبي صلى الله عليه وسلم ومسح ضرعها ودعا حتى أنزلت ، وجاء أبو بكر بمجن فحلب فسقى أبا بكر ، [ ص: 276 ] ثم حلب فسقى الراعي ، ثم حلب فشرب ، فقال الراعي : بالله من أنت ، فوالله ما رأيت مثلك قط ؟ " أتكتم علي حتى أخبرك " ؟ ، قال : نعم ، قال : فإني محمد رسول الله . فقال : أنت الذي تزعم قريش أنه صابئ ؟ قال : " إنهم ليقولون ذلك " . قال : فأشهد أنك نبي ، وأشهد أن ما جئت به حق ، وأنه لا يفعل ما فعلت إلا نبي ، وأنا متبعك . قال : " إنك لن تستطيع ذلك يومك ، فإذا بلغك أني قد ظهرت فائتنا " .

                                                                                      وقال يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال : فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير ، عن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة ، عن رجال من قومه ، قالوا : لما بلغنا مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة ، كنا نخرج كل غداة فنجلس به بظاهر الحرة ، نلجأ إلى ظل الجدر حتى تغلبنا عليه الشمس ، ثم نرجع إلى رحالنا ، حتى إذا كان اليوم الذي جاء فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جلسنا كما كنا نجلس ، حتى إذا رجعنا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرآه رجل من اليهود ، فنادى : يا بني قيلة هذا جدكم قد جاء ، فخرجنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد أناخ إلى ظل هو وأبو بكر ، والله ما ندري أيهما أسن ، هما في سن واحدة ، حتى رأينا أبا بكر ينحاز له عن الظل ، فعرفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، وقد قال قائل منهم : إن أبا بكر قام فأظل رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه ، فعرفناه .

                                                                                      وقال محمد بن حمير ، عن إبراهيم بن أبي عبلة : حدثني عقبة بن وساج ، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم ، يعني المدينة ، وليس في أصحابه أشمط غير أبي بكر ، فغلفها بالحناء والكتم . أخرجه البخاري من حديث محمد بن حمير .

                                                                                      [ ص: 277 ] وقال شعبة : أنبأنا أبو إسحاق ، قال : سمعت البراء يقول : أول من قدم علينا من الصحابة مصعب بن عمير ، وابن أم مكتوم ، وكانا يقرئان القرآن ، ثم جاء عمار ، وبلال ، وسعد ، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين راكبا ، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء قط فرحهم به ، حتى رأيت الولائد والصبيان يسعون في الطرق يقولون : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما قدم المدينة حتى تعلمت ( سبح اسم ربك الأعلى ( 1 ) ) [ الأعلى ] في مثلها من المفصل . خ .

                                                                                      وقال إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، في حديث الرحل ، قال أبو بكر : ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه ، حتى قدمنا المدينة ليلا ، فتنازعه القوم أيهم ينزل عليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني أنزل الليلة على بني النجار أخوال بني عبد المطلب أكرمهم بذلك ، وقدم الناس حين قدمنا المدينة ، في الطريق وعلى البيوت ، والغلمان والخدم يقولون : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر جاء محمد ، الله أكبر جاء محمد صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبح انطلق فنزل حيث أمر . متفق عليه .

                                                                                      وقال هاشم بن القاسم : حدثنا سليمان هو ابن المغيرة عن ثابت ، عن أنس ، قال : إني لأسعى في الغلمان يقولون : ( جاء محمد ) ، وأسعى ولا أرى شيئا ، ثم يقولون : ( جاء محمد ) ، فأسعى ، حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر فكمنا في بعض جدار المدينة ، ثم بعثا رجلا من أهل البادية ليؤذن بهما الأنصار ، قال : فاستقبلهما زهاء خمسمائة من الأنصار ، حتى انتهوا إليهما ، فقالوا : انطلقا آمنين مطاعين . فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بين أظهرهم ، فخرج أهل المدينة ، حتى إن العواتق لفوق البيوت يتراءينه يقلن : أيهم هو ؟ أيهم هو ؟ قال : فما [ ص: 278 ] رأينا منظرا شبها به يومئذ . صحيح .

                                                                                      وقال الوليد بن محمد الموقري وغيره ، عن الزهري ، قال : فأخبرني عروة أن الزبير كان في ركب تجار بالشام ، فقفلوا إلى مكة ، فعارضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر بثياب بياض ، وسمع المسلمون بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه ، حتى يردهم نحر الظهيرة ، فانقلبوا يوما بعدما أطالوا انتظاره ، فلما أووا إلى بيوتهم ، أوفى رجل من يهود أطما من آطامهم لشأنه ، فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته : يا معشر العريب هذا جدكم الذي تنتظرون ، فثار المسلمون إلى السلاح ، فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة ، فعدل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ، حتى نزل في بني عمرو بن عوف من الأنصار ، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول ، فقام أبو بكر يذكر الناس ، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا ، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم يحسبه أبا بكر ، حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه ، فعرفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك ، فلبث في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة .

                                                                                      وأسس المسجد الذي أسس على التقوى ، فصلى فيه ، ثم ركب راحلته فسار ، فمشى معه الناس ، حتى بركت بالمدينة عند مسجده صلى الله عليه وسلم ، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين ، وكان مربدا للتمر لسهل وسهيل ، غلامين يتيمين أخوين في حجر أسعد بن زرارة من بني النجار ، فقال حين بركت به راحلته : " هذا إن شاء الله المنزل " . ثم دعا الغلامين فساومهما المربد ليتخذه مسجدا ، فقالا : بل نهبه لك . فأبى حتى ابتاعه [ ص: 279 ] وقال عبد الوارث بن سعيد وغيره : حدثنا أبو التياح ، عن أنس ، قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة نزل في علو المدينة في بني عمرو بن عوف ، فأقام فيهم أربع عشرة ليلة ، ثم أرسل إلى ملأ بني النجار ، فجاءوا متقلدين سيوفهم ، فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ردفه ، وملأ بني النجار حوله ، حتى ألقى بفناء أبي أيوب . متفق عليه .

                                                                                      وقال عثمان بن عطاء الخراساني ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مر على عبد الله بن أبي وهو جالس على ظهر الطريق ، فوقف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر أن يدعوه إلى المنزل ، وهو يومئذ سيد أهل المدينة في أنفسهم ، فقال عبد الله : انظر الذين دعوك فأتهم ، فعمد إلى سعد بن خيثمة ، فنزل عليه في بني عمرو بن عوف ثلاث ليال ، واتخذ مكانه مسجدا فكان يصلي فيه ، ثم بناه بنو عمرو ، فهو الذي أسس على التقوى والرضوان .

                                                                                      ثم إنه ركب يوم الجمعة ، فمر على بني سالم ، فجمع فيهم ، وكانت أول جمعة صلاها حين قدم المدينة ، واستقبل بيت المقدس ، فلما أبصرته اليهود صلى قبلتهم طمعوا فيه للذي يجدونه مكتوبا عندهم ، ثم ارتحل فاجتمعت له الأنصار يعظمون دين الله بذلك ، يمشون حول ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يزال أحدهم ينازع صاحبه زمام الناقة ، فقال : خلوا سبيل الناقة ، فإنما أنزل حيث أنزلني الله . حتى انتهى إلى دار أبي أيوب في بني غنم ، فبركت على الباب ، فنزل ، ثم دخل دار أبي أيوب ، فنزل عليه حتى ابتنى مسجده ومسكنه في بني غنم ، وكان المسجد موضعا للتمر لابني أخي أسعد بن زرارة ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعطى ابني [ ص: 280 ] أخيه مكانه نخلا له في بني بياضة ، فقالوا : نعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نأخذ له ثمنا ، وبنى النبي صلى الله عليه وسلم لحمزة ولعلي ولجعفر ، وهم بأرض الحبشة ، وجعل مسكنهم في مسكنه ، وجعل أبوابهم في المسجد مع بابه ، ثم إنه بدا له ، فصرف باب حمزة وجعفر . كذا قال : وهم بأرض الحبشة ، وإنما كان علي بمكة . رواه ابن عائذ ، عن محمد بن شعيب ، عنه .

                                                                                      وقال موسى بن عقبة : يقال : لما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر من المدينة ، وقدم طلحة بن عبيد الله من الشام ، خرج طلحة عامدا إلى مكة ، لما ذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ، خرج إما متلقيا لهما ، وإما عامدا عمده بمكة ، ومعه ثياب أهداها لأبي بكر من ثياب الشام ، فلما لقيه أعطاه الثياب ، فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر منها .

                                                                                      وقال الوليد بن مسلم ، عن عبد الله بن يزيد ، عن أبي البداح بن عاصم بن عدي ، عن أبيه : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول ، فأقام بالمدينة عشر سنين .

                                                                                      وقال ابن إسحاق : المعروف أنه قدم المدينة يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول ، قال : ومنهم من يقول لليلتين مضتا منه
                                                                                      . رواه يونس وغيره ، عن ابن إسحاق .

                                                                                      وقال عبد الله بن إدريس : حدثنا ابن إسحاق ، عن محمد بن جعفر ، عن عروة ، عن عبد الرحمن بن عويم ، قال : أخبرني بعض قومي ، قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول ، فأقام بقباء يومه وثلاثة أيام ، وخرج يوم الجمعة على ناقته القصواء ، وبنو عمرو بن عوف يزعمون أنه لبث فيهم ثماني عشرة ليلة .

                                                                                      وقال زكريا بن إسحاق : حدثنا عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، [ ص: 281 ] قال : مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشرة ، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين . متفق عليه .

                                                                                      وقال سفيان بن عيينة : حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عجوز لهم ، قالت : رأيت ابن عباس يختلف إلى صرمة بن قيس الأنصاري ، كان يروي هذه الأبيات :


                                                                                      ثوى في قريش بضع عشرة حجة يذكر لو ألفى صديقا مواتيا     ويعرض في أهل المواسم نفسه
                                                                                      فلم ير من يؤوي ولم ير داعيا     فلما أتانا واطمأنت به النوى
                                                                                      وأصبح مسرورا بطيبة راضيا     وأصبح ما يخشى ظلامة ظالم
                                                                                      بعيد ولا يخشى من الناس راعيا     بذلنا له الأموال من جل مالنا
                                                                                      وأنفسنا عند الوغى والتآسيا     نعادي الذي عادى من الناس كلهم
                                                                                      جميعا وإن كان الحبيب المواسيا     ونعلم أن الله لا شيء غيره
                                                                                      وأن كتاب الله أصبح هاديا

                                                                                      وقال عبد الوارث : حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس قال : أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، وهو مردف أبا بكر ، وأبو بكر شيخ يعرف ، ونبي الله صلى الله عليه وسلم شاب لا يعرف يريد دخول الشيب في لحيته دونه لا في السن قالأنس : فيلقى الرجل أبا بكر فيقول : يا أبا بكر من هذا الرجل الذي بين يديك ؟ فيقول : هذا رجل يهديني السبيل . فيحسب الحاسب أنه يعني الطريق ، وإنما يعني طريق الخير . فإذا هو بفارس قد لحقهم ، فقال : يا نبي الله هذا فارس قد لحق ، فقال : " اللهم اصرعه " . فصرعه فرسه . ثم قامت تحمحم . فقال : يا نبي الله مرني بم شئت . قال : " تقف مكانك لا تتركن أحدا يلحق بنا " . قال : فكان أول النهار جاهدا على [ ص: 282 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم وآخر النهار مسلحة له ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم جانب الحرة ، وأرسل إلى الأنصار ، فجاؤوا رسول الله ، فسلموا عليهما . فقالوا : اركبا آمنين مطاعين . فركبا وحفوا حولهما بالسلاح ، فقيل في المدينة : جاء رسول الله ، جاء رسول الله . وأقبل حتى نزل إلى جانب بيت أبي أيوب ، قال : فإنه ليحدث أهله إذ سمع به عبد الله بن سلام وهو في نخل لأهله ، يخترف لهم منه ، فعجل أن يضع التي يخترف فيها فجاءه وهي معه ، فسمع من نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ثم رجع إلى أهله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أي بيوت أهلنا أقرب " ؟ فقال أبو أيوب : أنا يا نبي الله هذه داري ، قال : " اذهب فهيئ لنا مقيلا " . فذهب فهيأ لهما مقيلا ، ثم جاء فقال : يا نبي الله قد هيأت لكما مقيلا ، قوما على بركة الله فقيلا .

                                                                                      فلما جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم ، جاء عبد الله بن سلام ، فقال : أشهد أنك رسول الله حقا ، وأنك جئت بحق ، ولقد علمت يهود أني سيدهم وأعلمهم
                                                                                      . وذكر الحديث . أخرجه البخاري .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية