الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5172 5491 - حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي قتادة مثله، إلا أنه قال: "هل معكم من لحمه شيء؟". [انظر: 1821 - مسلم: 1196 - فتح:9 \ 613].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه أربعة أحاديث:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها: حديث عدي وقد سلف وفيه ابن فضيل، وهو محمد.

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها: حديث أبي ثعلبة وقد أخرجه مسلم والأربعة . وقد سلف.

                                                                                                                                                                                                                              وشيخ البخاري فيه أبو عاصم وهو الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني مولاهم.

                                                                                                                                                                                                                              وقد اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافا كبيرا فقيل: جرهم، وقيل: جرهوم بن ناشب، وقيل: ناشم، وقيل: ناشر، وقيل اسمه: الأشر بن جرهم، وقيل: ابن حمير، وقيل: جرثومة بن ناشح وقيل: غير ذلك، وقال ابن الكلبي: اسمه الأشر بن الحشرج بن هبي بن عامر بن مسرف بن حارث بن عمرو بن مر بن وائل بن خشين بن

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 381 ] النمر أخي كلب وأسد وغيرهم أبناء وبرة أخي ريان والد جرم بن ريان ابني ثعلبة بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة .


                                                                                                                                                                                                                              قال ابن سعد: قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتجهز إلى خيبر فشهد خيبر معه، ثم قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد خشين وهم سبعة، فنزلوا على أبي ثعلبة، وقال الواقدي: توفي بالشام سنة خمس وسبعين أول خلافة عبد الملك بن مروان .

                                                                                                                                                                                                                              وقال أبو عمر وغيره: كان أبو ثعلبة ممن بايع تحت الشجرة ثم نزل الشام ومات في خلافة معاوية، وقال ابن الكلبي: بايع بيعة الرضوان وأرسله إلى قومه فأسلموا وأخوه عمرو بن الحشرج .

                                                                                                                                                                                                                              الحديث الثالث: حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: أنفجنا أرنبا بمر الظهران، فسعوا عليها حتى لغبوا، فسعيت عليها .. الحديث. وسلف في الهبة.

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى: (أنفجنا): أجرينا، وفي كتاب "الأفعال": نفج الأرنب وغيره نفوجا: أسرع .

                                                                                                                                                                                                                              وقال صاحب "العين": وأنفجته، وكل ما ارتفع فقد انتفج ورجل نفاج بما لم يفعل .

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن التين : أنفجنا: أثرنا، يقال: نفج الأرنب إذا ثار، وأنفجه صائده أثاره وهو بمعنى ما سلف.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 382 ] ولغبوا -بفتح الغين-: أعيوا. وقال الجوهري: لغب بالكسر: "لغة ضعيفة ، "ومنه: وما مسنا من لغوب أي: إعياء.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (فبعث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بوركها وفخذيها).

                                                                                                                                                                                                                              الورك: ما فوق الفخذين بكسر الواو وسكونها لغتان كذا ذكرهما ابن التين ، وأهمل ثالثة: فتح الواو وكسر الراء وإسكان ثانيه مع فتح أوله وكسره.

                                                                                                                                                                                                                              والفخذ: بفتح الفاء وكسر الخاء هذا أصله ويجوز فيه ثلاث لغات غير هذا، سكون الخاء أيضا وكسر الفاء وسكون الخاء -كقدر- وكسرها; وذلك أن كل اسم وفعل على وزن علم وسطه حرف حلق يجوز فيه أربع لغات كما بينا، فمثال الاسم فخذ، ومثال الفعل شهد وبئس ونعم.

                                                                                                                                                                                                                              الحديث الرابع: حديث أبي قتادة السالف في الحج والجهاد والأطعمة والهبة .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (تخلف مع أصحاب له محرمين) كذا في الأصول، وذكره ابن التين بلفظ: (محرمون) ثم قال: [كذا] وقع هنا، ولعله خبر مبتدأ محذوف، التقدير: وهم محرمون.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (وهو غير محرم). قال ابن التين : انظر كيف جاوز الميقات وهو غير محرم.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 383 ] قال أبو عبد الملك: كان هذا في عمرة الحديبية، أحرم - عليه السلام - من ذي الحليفة وأمر أبا قتادة وأصحابه أن يكشفوا طريق الساحل قبل أن يحرموا، ثم أحرم أصحاب أبي قتادة ولم يحرم هو حتى رأى الحمار.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (ثم سأل أصحابه أن يناولوه سوطا، فأبوا). فيه: أن المحرم لا يعين الحلال على الصيد.

                                                                                                                                                                                                                              وفي بعض طرق البخاري: "هل أثرتم أو أعنتم" قالوا: لا.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن القاسم: إن دل محرم حلالا أو إنسانا أو أمر بقتله فلا شيء عليه، إلا أن يأمر عبده فيقتله، فعليه جزاء واحد أو استغفر الله للدال، وكذلك إن ناوله سوطه .

                                                                                                                                                                                                                              وقال عطاء وأحمد وإسحاق والليث: عليه الجزاء، وروي عن أشهب.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن وهب: أحب إلي أن يفدي، وهو قول أبي حنيفة واستدل أصحابه بسؤاله أن يناولوه سوطه أو رمحه. وهذا الحديث أصل في جواز أكل ما صاده الحلال لنفسه لا للمحرم، وهو قول فقهاء الأمصار وغيرهم، وقال عبد الله بن عمرو وابن عباس: لا يحل للمحرم أكل الصيد.

                                                                                                                                                                                                                              واختلف فيما صاده الحلال لأجل المحرم.

                                                                                                                                                                                                                              قال مالك: لا يأكله المحرم. وسواء أمره المحرم بذبحه أو لا، وبه قال عطاء وأحمد وإسحاق والشافعي وأجاز أكله أبو حنيفة .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 384 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قام الإجماع على جواز الصيد للاكتساب وطلب المعاش، وقد سلف ذلك، وقال مالك فيمن كان شأنه الصيد للذة: إن شهادته غير جائزة. وقد أسلفنا هناك أن حديث ابن عباس "من اتبع الصيد غفل" إلا أن الذي يصيد للذة ينبغي أن يعتبر فإن كان يضيع له فرائضه وما يلزمه من مراعاة أوقات الصلاة وشبهها; فهذا هو الأمر المسقط لشهادته ولو لم يكن ثم صيد، وإن كان لا يضيع شيئا يلزمه فلا ينبغي أن ترد شهادته .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية