الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ومنها : أن من ملك التصرف القولي بأسباب مختلفة ثم صدر منه تصرف صالح للاستناد إلى كل واحد من تلك الأسباب فإنه يحمل على أغلبها . فمن هذا تصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتيا والحكم والأمانة العظمى ، فإنه إمام الأئمة ، فإذا صدر منه تصرف حمل على أغلب تصرفاته وهو الفتيا ما لم يدل دليل على خلافه ، وله أمثلة : أحدها : { قوله صلى الله عليه وسلم لهند امرأة أبي سفيان لما شكت إليه إمساك أبي سفيان وشحه : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } احتمل أن يكون فتيا ، واحتمل أن يكون حكما ، فمنهم من جعله حكما والأصح أنه فتيا ، لأن فتياه صلى الله عليه وسلم أغلب من أحكامه ، ولأنه لم يستوف شروط القضاء .

المثال الثاني : قوله صلى الله عليه وسلم : { من قتل قتيلا فله سلبه } محمول على الفتيا لأنه أغلب تصرفه بالقضاء وبالإمامة العظمى . [ ص: 143 ]

المثال الثالث : قوله صلى الله عليه وسلم : { من أحيا أرضا ميتة فهي له } حمله أبو حنيفة رحمه الله على التصرف بالإمامة العظمى ، لأنه لا يجوز إلا بإذن الإمام وحمله الشافعي رحمه الله على التصرف بالفتيا لأنه الغالب عليه ، وقال يكفي في ذلك إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومما يحمل على غالب التصرف تصرف الوكيل والمضارب ، والوصي ، والولي العام والخاص ، إذا اشتروا شيئا بثمن مثله مما يصح شراؤه لأنفسهم وللمولى عليهم فإنه يقع لهم ، لأن الغالب من تصرفاتهم التصرف لأنفسهم فقصر عليهم إلا أن ينووا به من تحت ولايتهم ، وإن اشتروه مطلقا بعين مال المولى عليهم تعين للمولى عليهم إذ لا تردد فيه .

( قاعدة ) كل تصرف تقاعد عن تحصيل مقصوده فهو باطل فلا يصح بيع حر ولا أم ولد ، ولا نكاح محرم ، ولا محرم ، ولا إجارة على عمل محرم ، فإن شرط نفي الخيار في البيع صح على قول مختار لأن لزومه هو المقصود والخيار دخيل عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية