الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1785 وحدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا أبو أسامة عن مالك بن مغول عن أبي حصين عن أبي وائل قال سمعت سهل بن حنيف بصفين يقول اتهموا رأيكم على دينكم فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فتحنا منه في خصم إلا انفجر علينا منه خصم

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( عن أبي حصين ) بفتح الحاء وكسر الصاد .

                                                                                                                قوله : ( عن سهل بن حنيف أنه قال : اتهموا رأيكم على دينكم ، فلقد رأيتني يوم أبي جندل ، ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما فتحنا منه في خصم إلا انفجر علينا منه خصم ) هكذا وقع هذا الحديث في نسخ صحيح مسلم كلها ، وفيه محذوف ، وهو جواب ( لو ) تقديره : ولو أستطيع أن أرد أمره صلى الله عليه وسلم لرددته ، ومنه قوله تعالى : ولو ترى إذ المجرمون ، [ ص: 477 ] ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت ولو ترى إذ الظالمون موقوفون ونظائره ، فكله محذوف جواب ( لو ) لدلالة الكلام عليه ، وأما قوله : ( ما فتحنا منه خصما ) فالضمير في ( منه ) عائد إلى قوله : اتهموا رأيكم ، ومعناه ما أصلحنا من رأيكم وأمركم هذا ناحية إلا انفتح أخرى ، ولا يصح إعادة الضمير إلى غير ما ذكرناه ، وأما قوله : ( ما فتحنا منه خصما ) فكذا هو في مسلم ، قال القاضي : وهو غلط أو تغيير ، وصوابه : ما سددنا منه خصما ، وكذا هو في رواية البخاري ( ما سددنا ) وبه يستقيم الكلام ، ويتقابل سددنا بقوله : إلا انفجر ، وأما ( الخصم ) فبضم الخاء ، وخصم كل شيء : طرفه وناحيته ، وشبهه بخصم الراوية وانفجار الماء من طرفها أو بخصم الغرارة والخرج وانصباب ما فيه بانفجاره .

                                                                                                                وفي هذه الأحاديث دليل لجواز مصالحة الكفار إذا كان فيها مصلحة ، وهو مجمع عليه عند الحاجة ، ومذهبنا أن مدتها لا تزيد على عشر سنين إذا لم يكن الإمام مستظهرا عليهم ، وإن كان مستظهرا لم يزد على أربعة أشهر ، وفي قول يجوز دون سنة ، وقال مالك : لا حد لذلك ، بل يجوز ذلك قل أم كثر بحسب رأي الإمام . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية