الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          علاج خرافة تصرف الأولياء في الكون :

                          أما الذين يشركون بالله في عبادته بجهلهم لآياته ، وتقليد أمثالهم من الجاهلين في خرافاتهم فلا علاج لهم إلا تعليمهم توحيد الله الخالص في ربوبيته وألوهيته بآيات القرآن ، دون نظريات كتب الكلام ، وتعليمهم وظائف الرسل وكونهم بشرا ، اختصهم الله تعالى بوحيه لتبليغ عباده ما ارتضاه لهم من الدين بالقول والعمل ، وحصر اختصاصهم بالتعليم والإرشاد تبشيرا وإنذارا وتنفيذ أحكام شرعه فيهم بالعدل والمساواة ، ولم يؤتهم من التصرف الفعلي في خلقه ما يقدرون به على هداية أقرب الناس وأحبهم إليهم بالطبع كالوالد والولد والزوجة ومن دونهم من أولي القربى ، فوالد إبراهيم الخليل عاش كافرا ومات كافرا عدوا لله ورسوله وخليله وولد نوح [ ص: 189 ] أول الرسل إلى الأمم مات كافرا ولم يأذن الله تعالى له بحمله في السفينة فكان من الكافرين المغرقين ، وكان أبو لهب عم محمد حبيب الله ورسوله أشد أعدائه الصادين عنه المؤذين له ، وأنزل الله في ذمه ووعيده سورة من القرآن يتعبد بها المؤمنون إلى يوم القيامة ، لم ينزل مثلها في أحد من أعدائه وأعداء رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، بل كان من كمال حكمة الله تعالى أن عمه الذي كفله ورباه وكف عنه أذى المشركين ما استطاع لم يؤمن به ، وقد عرض عليه أن ينطق بكلمة ( ( لا إله إلا الله ) ) ليشهد له بها يوم القيامة فامتنع فأنزل الله تعالى فيه : ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) رواه مسلم في صحيحه ، وقد شرحنا هذا الموضوع في تفسير قوله تعالى : ( وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر ) ( 6 : 74 ) الآيات ، ثم بينا في خلاصة هذه السورة ( الأنعام ) وظائف الرسل عليهم السلام بما يحسن أن يراجعه من يحب استيفاء هذا الموضوع وإذا كان الأنبياء المرسلون لم يؤتوا القدرة على التصرف في الكون فكيف يؤتاه الأولياء وغيرهم ؟

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية