الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        6058 حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام حدثنا قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنان حب المال وطول العمر رواه شعبة عن قتادة

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        9611 قوله حدثنا مسلم ) كذا لأبي ذر غير منسوب ولغيره " حدثنا مسلم بن إبراهيم " وهشام هو الدستوائي .

                                                                                                                                                                                                        قوله يكبر بفتح الموحدة أي يطعن في السن

                                                                                                                                                                                                        قوله ويكبر معه بضم الموحدة أي يعظم ويجوز الفتح ويجوز الضم في الأول تعبيرا عن الكثرة وهي كثرة عدد السنين بالعظم

                                                                                                                                                                                                        قوله اثنتان حب المال وطول العمر ) في رواية أبي عوانة عن قتادة عند مسلم يهرم ابن آدم ويشب معه اثنتان الحرص على المال والحرص على العمر ثم أخرجه من طريق معاذ بن هشام عن أبيه قاله بمثله

                                                                                                                                                                                                        قوله رواه شعبة عن قتادة ) وصله مسلم من رواية محمد بن جعفر عن شعبة ولفظه " سمعت قتادة يحدث عن أنس بنحوه " وأخرجه أحمد عن محمد بن جعفر بلفظ يهرم ابن آدم ويشب منه اثنتان وفائدة هذا التعليق دفع توهم الانقطاع فيه لكون قتادة مدلسا وقد عنعنه لكن شعبة لا يحدث عن المدلسين إلا بما علم أنه داخل في سماعهم فيستوي في ذلك التصريح والعنعنة بخلاف غيره قال النووي هذا مجاز واستعارة ومعناه أن قلب الشيخ كامل الحب للمال متحكم في ذلك كاحتكام قوة الشاب في شبابه هذا صوابه وقيل في تفسيره غير هذا مما لا يرتضى وكأنه أشار إلى قول عياض : هذا الحديث فيه من المطابقة وبديع الكلام الغاية وذلك أن الشيخ من شأنه أن تكون آماله وحرصه على الدنيا قد بليت على بلاء جسمه إذا انقضى عمره ولم يبق له إلا انتظار الموت فلما كان الأمر بضده ذم . قال والتعبير بالشاب إشارة إلى كثرة الحرص وبعد الأمل الذي هو في الشباب أكثر وبهم أليق لكثرة الرجاء عادة عندهم في طول أعمارهم ودوام استمتاعهم ولذاتهم في الدنيا قال القرطبي : في هذا الحديث كراهة الحرص على طول العمر وكثرة المال وأن ذلك ليس بمحمود وقال غيره الحكمة في التخصيص بهذين الأمرين أن أحب الأشياء إلى ابن آدم نفسه فهو راغب في بقائها فأحب لذلك طول العمر وأحب المال لأنه من أعظم الأسباب في دوام الصحة التي ينشأ عنها غالبا طول العمر فكلما أحس بقرب نفاد ذلك اشتد حبه له ورغبته في دوامه واستدل به على أن الإرادة في القلب خلافا لمن قال إنها في الرأس قاله المازري .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) : قال الكرماني كان ينبغي له أن يذكر هذا الحديث في الباب السابق يعني " باب في الأمل وطوله "

                                                                                                                                                                                                        قلت ومناسبته للباب الذي ذكره فيه ليست ببعيدة ولا خفية

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 246 ]



                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية