الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
:


قد ظمئ الحجيج بعد المطلب بعد الجفان والشراب المنثعب


ليت قريشا بعده على نصب

وقال مطرود بن كعب الخزاعي ، يبكي المطلب وبني عبد مناف جميعا حين أتاه نعي نوفل بن عبد مناف ، وكان نوفل آخرهم هلكا :

:


يا ليلة هيجت ليلاتي     إحدى ليالي القسيات
وما أقاسي من هموم وما     عالجت من رزء المنيات
إذا تذكرت أخي نوفلا     ذكرني بالأوليات
ذكرني بالأزر الحمر     والأردية الصفر القشيبات
أربعة كلهم سيد     أبناء سادات لسادات
ميت بردمان وميت بسلمان     وميت عند غزات
[ ص: 139 ] وميت أسكن لحدا لدى     المحجوب شرقي البنيات
أخلصهم عبد مناف فهم     من لوم من لام بمنجاة
إن المغيرات وأبناءها     من خير أحياء وأموات

وكان اسم عبد مناف المغيرة ، وكان أول بني عبد مناف هلكا هاشم ، بغزة من أرض الشام ، ثم عبد شمس بمكة ، ثم المطلب بردمان من أرض اليمن ثم نوفلا بسلمان من ناحية العراق .

فقيل لمطرود - فيما يزعمون - : لقد قلت فأحسنت ، ولو كان أفحل مما قلت كان أحسن ؛ فقال : أنظرني ليالي ، فمكث أياما ، ثم قال :


يا عين جوى وأذري الدمع وانهمري     وابكي على السر من كعب المغيرات
يا عين واسحنفري بالدمع واحتفلي     وابكي خبيئة نفسي في الملمات
وابكي على كل فياض أخي ثقة     ضخم الدسيعة وهاب الجزيلات
محض الضريبة عالي الهم مختلق     جلد النحيزة ناء بالعظيمات
صعب البديهة لا نكس ولا وكل     ماضي العزيمة متلاف الكريمات
[ ص: 140 ] صقر توسط من كعب إذا نسبوا     بحبوحة المجد والشم الرفيعات
ثم اندبي الفيض والفياض مطلبا     واستخرطي بعد فيضات بجمات
أمسى بردمان عنا اليوم مغتربا     يا لهف نفسي عليه بين أموات
وابكي لك الويل إما كنت باكية     لعبد شمس بشرقي البنيات
وهاشم في ضريح وسط بلقعة     تسفى الرياح عليه بين غزات
ونوفل كان دون القوم خالصتي     أمسى بسلمان في رمس بموماة
لم ألق مثلهم عجما ولا عربا     إذا استقلت بهم أدم المطيات
أمست ديارهم منهم معطلة     وقد يكونون زينا في السريات
أفناهم الدهر أم كلت سيوفهم     أم كل من عاش أزواد المنيات
أصبحت أرضى من الأقوام بعدهم     بسط الوجوه وإلقاء التحيات
يا عين فابكي أبا الشعث الشجيات     يبكينه حسرا مثل البليات
[ ص: 141 ] يبكين أكرم من يمشي على قدم     يعولنه بدموع بعد عبرات
يبكين شخصا طويل الباع ذا فجر     آبي الهضيمة فراج الجليلات
يبكين عمرو العلا إذ حان مصرعه     سمح السجية بسام العشيات
يبكينه مستكينات على حزن     يا طول ذلك من حزن وعولات
يبكين لما جلاهن الزمان له     خضر الخدود كأمثال الحميات
محتزمات على أوساطهن لما     جر الزمان من أحداث المصيبات
أبيت ليلي أراعي النجم من ألم     أبكي وتبكي معي شجوي بنياتي
ما في القروم لهم عدل ولا خطر     ولا لمن تركوا شروى بقيات
أبناؤهم خير أبناء وأنفسهم     خير النفوس لدى جهد الأليات
كم وهبوا من طمر سابح أرن     ومن طمرة نهب في طمرات
ومن سيوف من الهندي مخلصة     ومن رماح كأشطان الركيات
ومن توابع مما يفضلون بها     عند المسائل من بذل العطيات
فلو حسبت وأحصى الحاسبون معي     لم أقض أفعالهم تلك الهنيات
هم المدلون إما معشر فخروا     عند الفخار بأنساب نقيات
زين البيوت التي خلوا مساكنها     فأصبحت منهم وحشا خليات
[ ص: 142 ] أقول والعين لا ترقا مدامعها     لا يبعد الله أصحاب الرزيات

قال ابن هشام : الفجر : العطاء . قال أبو خراش الهذلي :

:


عجف أضيافي جميل بن معمر     بذي فجر تأوي إليه الأرامل

قال ابن إسحاق : أبو الشعث الشجيات : هاشم بن عبد مناف .

التالي السابق


الخدمات العلمية