الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                      64- وأما قوله : (بقرة صفراء فاقع) فـ "الفاقع": الشديد الصفرة. ويقال: "أبيض يقق": أي: شديد البياض، و "لهاق" و"لهق" و"لهاق"، و"أخضر ناضر" و"أحمر قانئ" و"ناصع" و"فاقم". ويقال: "قد قنأت لحيته" فهي "تقنؤ قنوءا" أي: احمرت. قال الشاعر: [ عبد المسيح بن عسلة الشيباني ]:


                                                                                                                                                                                                                      (88)............. كما قنأت أنامل صاحب الكرم



                                                                                                                                                                                                                      و"قاطف الكرم". وقال آخر: [ الأسود بن يعفر النهشلي ] :


                                                                                                                                                                                                                      (89) من خمر ذي نطف أغن كأنما     قنأت أنامله من الفرصاد

                                                                                                                                                                                                                      65- وأما قوله: (إن البقر تشابه علينا) جعل "البقر" مذكرا مثل "التمر" و"البسر" كما تقول: "إن زيدا

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 112 ] تكلم يا فتى" وإن شئت قلت (يشابه) وهي قراءة مجاهد . ذكر "البقر" يريد : (يتشابه) ثم أدغم التاء في الشين. ومن أنث البقر" فقال: (تشابه) فأدغم، وإن شاء حذف التاء الآخرة ورفع كما تقول: "إن هذه تكلم يا فتى" لأنها في "تتشابه" إحداهما تاء "تفعل" والأخرى التي في "تشابهت" فهو في التأنيث معناه "تفعل". وفي التذكير معناه "فعل" و "فعل" أبدا مفتوح كما ذكرت لك والتاء محذوفة إذا أردت التأنيث لأنك تريد "تشابهت" فهي "تتشابه" وكذلك كل [ما كان] من نحو: "البقر" ليس بين الواحد والجماعة إلا الهاء، فمن العرب من يذكره ومنهم من يؤنثه، ومنهم من يقول: "هي البر والشعير" وقال: (والنخل باسقات لها طلع نضيد) فأنث على تلك اللغة وقال "باسقات" فجمع لأن المعنى جماعة. وقال الله جل ثناؤه : (ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه) فذكر في لغة من يذكر وقال: (وينشئ السحاب الثقال) فجمع على المعنى لأن المعنى معنى سحابات. وقال: (ومنهم من ينظر إليك) وقال: (ومنهم من يستمعون إليك) على المعنى واللفظ.

                                                                                                                                                                                                                      وقد قال بعضهم:

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 113 ] : (إن الباقر) مثل "الجامل" يعني "البقر" و"الجمال" قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                      (90) ما لي رأيتك بعد أهلك موحشا     خلقا كحوض الباقر المتهدم

                                                                                                                                                                                                                      وقال [ الحطيئة ]:


                                                                                                                                                                                                                      (91)..................     له جامل ما يهدأ الليل سامره

                                                                                                                                                                                                                      66- أما قوله: (إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة [71]

                                                                                                                                                                                                                      فرفع "مسلمة" على "إنها بقرة مسلمة".

                                                                                                                                                                                                                      : (لا شية فيها) يقول: "لا وشي فيها" من "وشيت شية" كما تقول: "وديته دية" و"وعدته عدة". وإذا استأنفت (الآن) [71] قطعت الألفين جميعا؛ لأن "الألف" الأولى مثل ألف "الرجل" وتلك تقطع إذا استؤنفت، والأخرى همزة ثابتة تقول: "ألآن" فتقطع ألف الوصل، ومنهم من يذهبها ويثبت الواو التي

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 114 ] في (قالوا) لأنه إنما كان يذهبها بسكون اللام، واللام قد تحركت لأنه قد حول عليها حركة الهمزة.

                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية