الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ولا فرق في الخيل بين عتاقها وهجانها وبين سوابقها وبراذينها في الاستحقاق ، سهمين لهما ، وسهما لفارسهما .

                                                                                                                                            [ ص: 162 ] وقال سلمان بن ربيعة ، والأوزاعي : يسهم للخيل العتاق ، ولا يسهم للبراذين الهجان ، ويعطى فارسها سهم راجل .

                                                                                                                                            وقال أحمد بن حنبل : يسهم للبرذون الهجين نصف سهم العربي العتيق ، فيعطى فارس البرذون سهمين ويعطى فارس العربي العتيق ثلاثة أسهم ، وفرقوا بين البراذين والعتاق ، بأن البرذون يثني يده إذا شرب ولا يثنيها العتيق : احتجاجا بأن البراذين لا تعنى عناء العتاق والسوابق في طلب ولا هرب : فشابهت البغال والحمير ، وهذا خطأ لقول الله تعالى : ومن رباط الخيل [ الأنفال : 60 ] . فعم الحكم في ارتباط الخيل بما يجعل من رهبة العدو بها ، وهذا موجود في عموم الخيل وفي قوله وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة [ الأنفال : 60 ] . فيه أربعة تأويلات :

                                                                                                                                            أحدها : أن القوة التصافي واتفاق الكلمة .

                                                                                                                                            والثاني : أن القوة الثقة بالنصر والرغبة في الثواب .

                                                                                                                                            والثالث : أن القوة السلاح ، قاله الكلبي .

                                                                                                                                            والرابع : أن القوة في الرمي .

                                                                                                                                            وروى عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر : قال الله تعالى : وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة [ الأنفال : 60 ] . ألا إن القوة الرمي ثلاثا .

                                                                                                                                            وروى عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اربطوا الخيل فإن ظهورها عز وبطونها لكم كنز ، فعم بالخيل جميع الجنس ؛ ولأن عتاق الخيل أجرى وأسبق ، وبراذينها أكر وأصبر ، فكان في كل واحد منهما ما ليس في الآخر : فتقابلا ؛ ولأن عتاق الخيل عراب ، وبراذينها أعاجم ، وليس يفرق في الفرسان بين العرب والعجم ، وكذلك الخيل لا يفرق بين شديد الخيل وضعيفه فكذلك في السابق والمتأخر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية