الفصل الثاني : في قدرها
وفي ( الجواهر ) : لا تحديد فيها إن كانت بسبب العطش ، بل توضع مطلقا ; لأن السقي مشترى ، والأصل : الرجوع بالمشترى أو أجزائه إذا لم تقبض ، كانت تشرب من العين أو من السماء ومن غير العطش يسقط منها الثلث فما فوق دون ما دونه ، وقال ( ح ) : لا توضع الجائحة مطلقا وقاله ( ش ) ، وقال أيضا : يوضع القليل والكثير .
احتجا بما في ( الموطأ ) : ( قالت عائشة رضي الله عنها : ) وجه الدليل : أنه عليه السلام لم يلزمه ذلك ، وبقوله عليه السلام : أرأيت إن منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه ؟ ابتاع رجل ثمرة فنقصت عليه ، فسأل البائع أن يضع عنه ، فحلف البائع أن لا يضع فذهبت أم المشتري إليه عليه السلام فقال : تألى أن لا يفعل خيرا ، فسمع رب الحائط فقال : يا رسول الله هو له
فأثبت المال له مع ذهاب الثمرة : فدل أنها لا توضع الجائحة ، والقياس على سائر العيوب الحادثة بعد القبض في غير صورة النزاع ، أو بالقياس على العطش ، ومحل الأخبار الواردة بوضع الجوائح أنها أصابتها قبل القبض ، جمعا بينها وبين القواعد ، والجواب عن الأول : أنه لم يقل أن النقص بالجائحة المذهبة للثلث فلعله حوالة سوق أو جائحة دون الثلث ، ولم [ ص: 214 ] يتعرض اللفظ لشيء من ذلك فسقط الاستدلال ، وعن الثاني : أنه حجة عليكم ; لأنه جعل المال لأخيه دونه بسبب الجائحة ، ثم إنه معرض بما في مسلم : قال عليه السلام : ( ) وفي ( الأحكام ) لو بعت من أخيك تمرا ثم أصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ، إنما تأخذ مال أخيك بغير حق لعبد الحق من رواية ابن حبيب : قال عليه السلام : ( إذا أصيب ثلث الثمرة فقد وجب على البائع الوضيعة ) وعن الثالث : الفرق بأن الثمرة بقي فيها حق توفية من السقي واستحقاق البقاء إلى اليبس فلم يقبض ، وعن الرابع : الفرق بأن المشتري دخل على سقوط بعض الثمرة بالريح وغيره بخلاف العطش ، وعن الخامس : أن قبض الثمرة إنما يتحقق بجد الثمرة ويبسها ، وأما قبل ذلك : ففيها حق توفية البقاء ، فحمل الأحاديث على ما قبل القبض موافق لما قلناه ، فلا يرد علينا ، وأقوى ما لهم ما في مسلم في الذي اشترى ثمرة فأصيبت ، فقال عليه السلام : ( تصدقوا عليه ، ثم قال لغرمائه : ( ) وجوابه : أنها قضية عين ، فيحتمل أنه اشتراها بعد اليبس ، ونحن نقول به ، ويقال : إن هذا الرجل خذوا ما وجدتم ، وليس لكم إلا ذلك ، ويتأكد مذهبنا بأن المشتري دخل في العادة على سقوط [ ص: 215 ] الثمار بعفن أو ريح أو طير ، وما دخل عليه لا يسقط عنه ، ويتأكد الانتقال إلى ما هو أكثر منه ، والثلث معتبر في صور الوصية وغيرها ، فيعتبرها هنا ، ولأنه لا يصدق في العادة أن ثمرة فلان أجيحت إلا إذا ذهب منها ما له بال ، قال معاذ بن جبل اللخمي : وليس كذلك البقول ; لأن العادة سلامتها فيوضع الجميع وإن قل ، قال : وتعليلهم الثلث بأن المشتري دخل على السقوط يلزم عليه أن يسقط مقاله فيما يهلك غالبا كان ربعا أو ثلثا أو غيره ، ويسقط عنه الزائد عليه ، فإذا كانت العادة الربع ، وهلك الثلث سقط عنه نصف السدس ، ويلزم أن يفرق بين ما شأنه السقوط كالزيتون والتمر ، وما ليس كذلك كالرمان .