الشرط الثاني : الصوم وقاله ( ح ) ، خلافا ل ( ش ) محتجا بما في الموطأ أنه - صلى الله عليه وسلم - ، ويوم الفطر لا صوم فيه ، اعتكف العشر الأول من شوال عمر - رضي الله عنه - له - صلى الله عليه وسلم - : إني نذرت أن أعتكف ليلة في الجاهلية ، فقال له : " أوف بنذرك، والليل لا صوم فيه " ، ولأنه ليس شرطا في اعتكاف الليل فلا يكون بالنهار إذ لا . . . أثناء العبادة ، ولأنه لبث في مكان مخصوص ، فلا يشترط فيه الصوم قياسا على الوقوف بعرفة . وقال
والجواب عن الأول : إن خروج يوم الفطر من العشر لا يعد بإطلاق لفظ [ ص: 537 ] العشر عليه .
وعن الثاني أن روى : " الدارقطني " ، أو إن الصوم كان أول الإسلام بالليل ، ولعل ذلك قبل نسخه . أوف بنذرك وصم
وعن الثالث أن . . . كالنية الفعلية .
وعن الرابع : قلبه عليهم بأنه لبث في مكان مخصوص فلا يستدل به قياسا على الوقوف بعرفة . لنا حديث عائشة المتقدم ، وأجمعنا لو لزمه الصوم ، ولو لم يكن شرطا لما لزم كما لو نذر الاعتكاف متصدقا ; لأن الجمع بينهما ليس قربة بالشرع ، وكل واحد قربة على حدته ، وأما نذره الحج ماشيا فإن المشي مكمل الحج بالتواضع فيه ، وإلا فالأصل أن هذه الأحوال لا تلزم في النذور ، قال نذر الاعتكاف صائما ابن يونس : وسواء كان الصوم له أو لغيره ، كالطهارة شرط في الصلاة وقد تفعل لغيرها ، قال عبد الملك : وله أن يعتكف في قضاء رمضان وكل صوم واجب ، وإن فلا يعتكفه في صوم واجب لإيجاب النذر الصوم ، وقال نذر الاعتكاف : له أن يجعله في صيام النذر ، قال ابن عبد الحكم اللخمي : ولو اعتقد أنه يجعله في صوم واجب أو كان يجهل أن الصوم شرط ، جاز أن يجعله في أي صوم شاء ، قال صاحب المنتقى : أجاز مالك جعله في أي صوم شاء خلافا لعبد الملك ; لأنه لو نذر صلاة لا يجب عليه أن يتطهر لها ، بل يكتفي بطهارة غيرها ، وفي الكتاب : إن أفطر متعمدا انتقض اعتكافه ، أو ناسيا اعتكف يوما مكانه ووصله باعتكاف ، فإن لم يصله ابتدأ ، قال ابن يونس : قال ابن حبيب : ذلك في النذر ، أما التطوع فلا قضاء مع النسيان ، قال : يحتمل أن يكون خلافا لقول مالك أو وفاقا ، وحكاه سند خلافا عن عبد الملك ، قال : والفرق لمالك بينه وبين التطوع بالصوم أنه يتعين بنية الدخول ، كما يتعين بالنذر ، وقال ابن القاسم في الكتاب : إن عجز عن الصوم لمرض خرج ، فإذا صح بنى فإن فرط في البناء ابتدأ ، فإن صح في بعض النهار وقوي عن الصوم دخل حينئذ ولا يؤخر ذلك ، قال مالك : وإذا طهرت الحائض رجعت حينئذ ، فإن [ ص: 538 ] كان يوم الفطر في مدة اعتكافه وصح قبله بيوم يرجع ولا يبيت ليلة يوم الفطر في معتكفه ، فإذا قضى يوم الفطر عاد . وروى ابن نافع : يرجع بعد صلاة العيد ولا يعتد بذلك اليوم ، قال سند : إن كان مرضه لا يلزمه الخروج من المسجد وجبت الإقامة ليأتي من العبادة بالممكن ، وروي عن مالك : يخرج حتى يقدر على الصوم فلا اعتكاف إلا بصوم .
وقد خرج بعض المتأخرين على هذا أنه إذا صح أو طهرت في بعض النهار لا يرجعان لعدم الصوم ، والفرق أن طرو العذر ممكن الدوام فيبقى مدة معتكفا بغير صوم ، بخلاف ارتفاعه فإنه يتعقبه الصوم من الغد فلا يمنع ، كما لو زال العذر بالليل . والفرق بين ليل الفطر وغيره أن سائر الليالي وقت لابتداء الاعتكاف ، فيكون وقتا لاستدامته ، وأن سائر الليالي قابل لنية الصوم بخلاف الفطر .
وإذا قلنا لا يخرج ليلة العيد على رواية ابن نافع ، فقد خالف في الخروج إلى الصلاة ، وهو مبني على الخلاف في الخروج إلى الجمعة . وظاهر قوله فيمن سحنون أنه : يقضي أيام المرض بعد العيد ، أن الاعتكاف المعين بخلاف الصيام المعين ، والفرق أن الاعتكاف أشبه بالحج والعمرة ; لتعلقه بالمسجد وبقائه مع المرض كبقاء الإحرام مع فوات الحج وفساده ، ولأنه يلزم متابعته بالنية ، كما يلزم بالبدن بخلاف الصوم ، وقد قال اعتكف العشر فمرض : يقضي اعتكاف رمضان لوجوب قضاء صومه وصيرورة الاعتكاف معه كالعبادة الواحدة بخلاف غيره ، فلو استغرق المرض أو الحيض جميع العشر الذي نواه أو نذره فلا قضاء عليه عند سحنون في رمضان ولا في غيره ; لأن الحج ، والعمرة إذا نذرهما في سنة معينة فمرض لا يقضيهما ، وعند سحنون ابن عبدوس يقضي في الموضعين توفية بالسبب ، وعلى أصل عبد الملك إن قصد بنذر الأيام أمرا يختص بها لم يقض وإلا قضى ، قال الباجي : ظاهر المذهب لا يقضي في غير رمضان ، وإذا رجعت الحائض والمريض في بعض النهار ، روى ابن القاسم : لا يعتد بذلك اليوم لعدم الصوم : فإن طهرت [ ص: 539 ] قبل الفجر اغتسلت ونوت ودخلت المعتكف [ حين تصبح ] ، ويجزيها عند مالك ، وقال : لا يجزيها حتى تدخل أول الليل كابتداء الاعتكاف ، وهو مبني على الخلاف في الابتداء : فعند سحنون لا يجزيه إلا من أول الليل ، وعند سحنون مالك وغيره يجزيه ، وإذا قلنا بالإجزاء ففرطت ، استأنفت الاعتكاف .