[ ص: 432 ] الباب التاسع عشر في . صلاة الاستسقاء
والاستفعال غالبا لطلب الفعل ، نحو الاستفهام لطلب الفهم ، والاسترشاد لطلب الرشد ، ، وهي عندنا سنة خلافا ( ح ) . لنا ما في والاستسقاء طلب السقي أبي داود ، قالت عائشة - رضي الله عنها - : " " . وفي الكتاب : صلى ضحوة فقط ، قال شكا الناس إلى النبي - عليه السلام - قحط المطر ، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى ، ووعد الناس يوما يخرجون فيه ، فخرج - عليه السلام - حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر فكبر وحمد الله ، ثم قال : " إنكم شكوتم جدب دياركم ، واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم ، وقد أمركم الله أن تدعوه ، ووعدكم أن يستجيب لكم ، ثم قال : الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ; الذي لا إله إلا هو يفعل ما يريد ; اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء ; أنزل علينا الغيث ، واجعل ما أنزلت علينا قوة وبلاغا إلى حين ، ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا [ ص: 333 ] بياض إبطيه ، ثم حول إلى الناس ظهره ، وقلب أو حول رداءه وهو رافع يديه ، ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين ; فأنشأ الله سبحانه - سحابة فرعدت وبرقت ، ثم أمطرت بإذن الله تعالى ، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول سند : قال ابن حبيب : وقت صلاة العيدين ، فيحتمل أن يكون تفسيرا لقول وقتها مالك ، وقال ( ش ) : تفعل بعد الزوال . لنا الحديث المتقدم والقياس على العيدين ، ونقل أبو الطاهر إيقاعها بعد الزوال وبعد المغرب قولان في المذهب . وفي البيان قال مالك : لا بأس بالاستسقاء بعد المغرب والصبح ، قال : يريد به الدعاء لا البروز إلى المصلى ; لأن السنة فيه الضحى . وفي الجواهر : يستحب أن يأمر الإمام قبلها بالتوبة ، ورد المظالم ، وتحلل الناس بعضهم بعضا ; لأن الذنوب سبب المصائب ; لقوله تعالى : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) ، وسبب منع الإجابة كما جاء في الحديث ، ويأمرهم بالصدقة والإحسان للفقراء فالعبد يجازى من جنس عمله ، فمن أطعم أطعم ، ومن أحسن أحسن إليه ، ولا يزال الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ، قال سند : واختلف قول مالك في تقديم الصوم قبل الاستسقاء ، قال ابن حبيب : ويصبحون صياما وقد فعله عمر ، واستحبه ( ش ) ثلاثا ; لما روي : أن ، ويخرجون مع الإمام في ثياب البذلة والمهنة ، عليهم السكينة والوقار ، شعارهم الخشوع والخوف ، قال دعوة الصائم لا ترد أبو الطاهر : [ ص: 434 ] والمشهور أن الإمام لا يكبر عند خروجه إليها ، وقيل : يكبر قياسا على صلاة العيدين ، وفي الكتاب : لا يخرج بمنبر ولكن يتوكأ الإمام على عصا ، وأول من أحدث المنبر من طين في المصلى للعيدين ، وقال عثمان بن عفان أشهب : في المجموعة ذاك واسع للحديث السابق . وفي الجواهر : المشهور التي لا تخشى فتنتهن غير مشروع ، وقيل : مشروع ; لتكثير أسباب الرحمة ، ولا خلاف في منع من تخشى فتنته من النساء . ومنع في الكتاب الحيض ، وجوز أهل الذمة ; لأنهم يرزقون كما نرزق ، وفي الجواهر : منعه إخراج الصبيان والبهائم والنساء أشهب دفعا للفتنة عن ضعفاء الإسلام ، ولأنه لا يتقرب إلى الله تعالى بأعدائه ، وجوز و ( ش ) خروجهم منفردين بيوم إخفاء لشعائرهم ، ومنعه القاضي عبد الوهاب ابن حبيب لئلا يحصل السقي في يومهم فيفتن الناس ، ويستسقى للجدب وحياة الزرع ، ولشرب الناس أو شرب البهائم ، أو لتكامل الكفاية بالماء ، أو لمجيء النيل ، لحصول الحاجة في الجميع ، وفي الموطأ : كان - عليه السلام - يقول : " ولتكرير الاستسقاء إن احتيج إليه ، وانشر رحمتك ، وأحي بلدك الميت اللهم اسق عبادك ، وبهيمتك " . وجوز اللخمي و ( ش ) استسقاء المخصب للمجدب ، وتوقف فيه المازري دون الدعاء المجرد لكونه بدعة . وفي الكتاب : يقرأ فيهما بسبح والشمس وضحاها ونحوهما - وقاله ابن [ ص: 435 ] حنبل ، وقال ( ش ) : ب ( ق ) ، وفي الثانية ب : ( اقتربت الساعة ) . لنا المقصود الدعاء والاستغفار ، فيوجد في الصلاة ، ولا يكبر فيها عندنا خلافا ( ش ) ; لأنه لم يرو ، ويبدل التكبير بالاستغفار - قاله في الجواهر ; لقوله تعالى : ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ) ، فجعل الاستغفار سبب الإمطار ، وفي الكتاب خطبتين كالعيدين . قال صاحب المنتقى : وكان يقول يخطب قبل الصلاة ، وكلاهما مروي في الحديث ، والأشهر ألا يطول ; لأن التقرب قبل المسألة أنسب ، والفرق بين الجمعة وبين الاستسقاء والعيدين : أنها شرط فيها بخلافهما ، والشرط يتقدم ، وفي الكتاب : إن أحدث في الخطبة تمادى لعدم اشتراط الطهارة في الخطبة ، ولا تتصل بصلاة بخلاف الجمعة ، وإذا فرغ من خطبته استقبل القبلة مكانه ، وحول رداءه فيجعل الذي على اليمين على اليسار ، والذي على اليسار على اليمين - خلافا ( ح ) ، ولا يقلبه فيجعل الأسفل أعلى ، وقال في المجموعة : يحول بين الخطبتين وقاله ( ش ) ; لأن الدعاء بعد الخطبة الأولى خطبة ، ونقل يخطب بعد الصلاة أبو الطاهر التحويل بعد الخطبتين ; لئلا تفصل الخطبة بعمل ليس منها ، وفي الكتاب يحول الناس أرديتهم وهم جلوس إذا حول الإمام ; للتفاؤل بتحويل الحال ، قال سند : قال : ولا يحول النساء . وصفة التحويل : أن يأخذ بيمينه ما على عاتقه الأيسر ويمره من ورائه فيضعه على الأيمن ، وما على الأيمن على الأيسر ، وفي الكتاب : ثم يدعو [ ص: 436 ] قائما ويدعون وهم قعود ، قال ابن الماجشون اللخمي : ولا يدعى للأمير بل يخلص الأمر لله ، قال سند : ويستحب لمن قرب منه أن يؤمن على دعائه ، وروي عن مالك : أنه يرفع يديه وبطونهما إلى الأرض ، وروي عنه بطونهما إلى السماء ، ويفعل الناس مثله جلوسا ، ويجهر بالدعاء ; لأن دعاءه - عليه السلام - سمع فنقل ، ويكون الدعاء بين الطول والقصر ، ; وفي الكتاب يتنفل قبلها وبعدها ، قال سند : كره ابن حبيب ذلك قياسا على العيدين ، والفرق أن الاستسقاء طلب للغفران ; فإن الجدب بسبب الذنوب فحسن فيه القربات ، ومن جلس لها ولا يصلي ، وهو بالخيار بعد ذلك في الصلاة ; لأنها بقية نافلة مطلقة . أدرك الخطبة وفاتته الصلاة