النظر الثاني : في . دفع الصائل
وهو في المدفوع ، والمدفوع عنه ، والدفع .
وفي الجواهر : أما المدفوع ، فكل صائل ، إنسانا كان أو غيره ، فمن خشي من ذلك فدفعه عن نفسه فهو هدر ، حتى الصبي والمجنون إذا صالا ، أو البهيمة ; لأنه ناب عن صاحبها في دفعه . والمدفوع عنه : كل معصوم من نفس ، أو بضع ، أو مال ، قال القاضي أبو بكر : أعظمها : النفس ، وأمره بيده إن شاء سلم نفسه ، أو يدفع عنها ، ويختلف الحال ففي زمان الفتنة : الصبر أولى تقليلا لها ، أو مقصودا وحده فالأمر سواء ، وأعظم من الجميع : الدين ، وهو أقوى رخصة ; لقوله تعالى : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) وأما الدفع : فقال القاضي : لا يقصد القتل ، بل الدفع ، فإن أدى للقتل فذلك ، إلا أن يعلم أنه لا يندفع إلا بالقتل فيقصد ابتداء ، ولو [ ص: 263 ] قدر المصول عليه على الهرب من غير مضرة تلحقه ، لم يدفع بالجرح وإلا دفع بما يقدر ، ولا يتعين قصد العضو الجاني ; لأن الشر من نفس الصائل ، فإن عض يد غيره فنزع اليد فتبددت أسنانه ; ضمن النازع دية الأسنان ، لأنها من فعله ، وقيل : لا يضمن ; لأنه ألجأه إلى ذلك ، وإن نظر إلى حرم من كوة لم يجز أن يقصد عينه أو غيرها ، لأنه لا يدفع المعصية بالمعصية ، وفيه القود إن فعل ، ويجب تقدم الإنذار في كل دفع .
تمهيد : في الصحاح : ( ) وعليه اعتمد كن عبد الله المقتول ، ولا تكن عبد الله القاتل عثمان رضي الله عنه على أحد التأويلات ، ولأنها تعارضت مفسدة ( أن يقتل أو ) يمكن من نفسه ، والتمكين من القتل أخف مفسدة من القتل فيقدم ، والفرق بين أن يمكن من قتل نفسه ، أو يترك الغذاء أو الشراب حتى يموت : أن ترك الغذاء هو السبب التام في الموت لم ينضف إليه غيره ، ولا بد أن ينضاف فعل الصائل للتمكين ، والفرق بين من ترك الغذاء يحرم ، ومن ترك الدواء فلا يحرم : أن الدواء غير منضبط النفع ، فقد يفيد وقد لا ، والغذاء ضروري النفع .